يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات. فإن القلب قد أحاطت به نيران بكل جانب. فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة، أن جعل لهم في البرزخ تنور من نار، وأودعت أرواحهم فيه، إلى حشر أجسادهم، كما أراها الله نبيّه صلى الله عليه وسلم في المنام في «١» الحديث المتفق على صحته.
التاسع- أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها. وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها. فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن أمر ربه، قال تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف: ٢٨] ، وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه.
العاشر- أن بين العين والقلب منفذا وطريقا يوجب انفعال أحدهما عن الآخر.
وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده. فإذا فسد القلب فسد النظر. وإذا فسد النظر فسد القلب. وكذلك في جانب الصلاح. فإذا خربت العين وفسدت، خرب القلب وفسد، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ. فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه والأنس به والسرور بقربه فيه. وإنما يسكن فيه أضداد ذلك. فهذه إشارة إلى بعض فوائد غض البصر، تطلعك على ما وراءها. انتهى.
ثم أمر الله تعالى النساء بما أمر به الرجال. وزاد في أمرهن، ما فرضه من رفض حالة الجاهلية المألوفة قبل لهن، بقوله سبحانه: