للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معللا للأمر على أبلغ وجه وآكده و (أنكر) بمعنى أوحش. من قولك (شيء نكر) إذا أنكرته النفوس واستوحشت منه ونفرت، كما يقال في العرف للقبيح (وحش) وأصله ضد الأنس والألفة. فهو إما مجاز أو كناية.

قال الزمخشريّ: الحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة وكذلك نهاقه. ومن استفحاشهم لذكره مجردا، وتفاديهم من اسمه، أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به. فيقولون (الطويل الأذنين) كما يكنى عن الأشياء المستقذرة. وقد عدّ في مساوي الآداب، أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة. ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافا، وإن بلغت منه الرحلة. فتشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير، وتمثيل أصواتهم بالنهاق، ثم إخلاء الكلام من لفظ التشبيه، وإخراجه مخرج الاستعارة، وأن جعلوا حميرا، وصوتهم نهاقا- مبالغة شديدة في الذم والتهجين. وإفراط في التثبيط عن رفع الصوت والترغيب عنه. وتنبيه على أنه من كراهة الله بمكان. انتهى.

[تنبيه:]

جاء ذكر لقمان في أحاديث مرفوعة. منها ما

رواه الإمام أحمد «١» عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن لقمان الحكيم كان يقول: إن الله إذا استودع شيئا حفظه.

وروى ابن أبي حاتم عن القاسم بن مخيمرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: قال لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه: يا بنيّ إياك والتقنع، فإنه مخوفة بالليل، مذمة بالنهار.

ومن الآثار فيه ما رواه ابن أبي حاتم عن السريّ بن يحيى قال: قال لقمان لابنه:

يا بنيّ إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك.

وعن عون بن عبد الله قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ! إذا أتيت نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام (يعني السلام) ثم اجلس في ناحيتهم، فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا. فإن أفاضوا في ذكر الله فأجل سهمك معهم. وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم. نقله ابن كثير رحمه الله.

ثم نبه تعالى خلقه على نعمه الوافرة المستتبعة انفراده بالألوهية، فقال سبحانه:


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>