وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً أي فخرا بالشجاعة وَرِئاءَ النَّاسِ أي طلبا للثناء بالسماحة والشجاعة وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ أي لا تكونوا كأبي جهل وأصحابه، وقد أتاهم رسول أبي سفيان، وهم بالجحفة: أن ارجعوا، فقد سلمت عيركم. فأبوا وقالوا: لا نرجع حتى نأتي بدرا، فننحر بها الجزر، ونسقي بها الخمر، وتعزف علينا فيه القيان، وتسمع بنا العرب.
فذلك بطرهم ورثاؤهم الناس بإطعامهم. فوافوها، فسقوا كؤوس المنايا مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان، أي: لا يكن أمركم رياء ولا سمعة ولا التماس ما عند الناس، وأخلصوا لله النية والحسبة، في نصر دينكم، ومؤازرة نبيّكم، لا تعملوا إلا لذلك، ولا تطلبوا غيره، و (الرئاء) مصدر (راءى) ، إذا أظهر العمل للناس ليروه غفلة عن الخالق، وقد يقال رأياه مراياة ورياء، على القلب. وبَطَراً وَرِئاءَ إما مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال. و (يصدون) إما حال، بتأويل اسم الفاعل، أو بجعله مصدر فعل هو حال، وإما مستأنف. ونكتة التعبير بالاسم أولا ثم الفعل، الإعلام بأن البطر والرياء دأبهم، بخلاف الصد فإنه تجدد لهم في زمن النبوة.
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ أي في معاداة الرسول والمؤمنين، بأن وسوس إليهم وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ أي من النبيّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابه وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ أي مجير ومعين لكم فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أي تلاقتا، وتراءت كل واحدة صاحبتها، فرأى الملائكة نازلة من السماء لإمداد المؤمنين نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ أي