قومه معه وسعى وراءهم وأدركهم وهم نازلون عند بحر القلزم. وهو المشهور ببحر السويس. فلما رأت بنو إسرائيل عسكر فرعون وراءهم قالوا: يا موسى أين ما وعدتنا من النصر والظفر؟ فلو بقينا على خدمة المصريين لكان خيرا لنا من أن نهلك في هذه البرية قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف: ١٢٨] وقال عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف: ١٢٩] . وأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق وأيبس قعره. فدخل بنو إسرائيل فيه. فتبعهم فرعون وجنوده. فخرج موسى وقومه من الجهة الثانية.
وانطبق البحر على فرعون ومن معه فغرقوا كلهم. وسيأتي الإشارة إلى هذه القصة في مواضع من التنزيل. ومن أبسطها فيه سورة الشعراء.
وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أي بعد فراغه من مقاومة آل فرعون وإهلاكهم أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أي لنعطيه عند انقضائها التوراة لتعملوا بها. وقد روي في ترجمة التوراة أنه تعالى قال لموسى: اصعد إلى الجبل وكن هناك فأعطيك ألواحا من حجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعلمهم. فصعد موسى إلى الجبل وبقي هناك أربعين يوما وأربعين ليلة. وموسى كلمة عبرانية معناها منشول من الماء ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ أي إلها ومعبودا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد مضيّه للميقات وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ أي بوضع العبادة في غير موضعها. وهو حال من ضمير اتخذتم. أو اعتراض تذييليّ. أي وأنتم قوم عادتكم الظلم.
ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ أي محونا ذنوبكم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي الاتخاذ والظلم القبيح لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لكي تشكروا نعمة العفو وتستمروا بعد ذلك على الطاعة.