بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم، لتأتوهم بخبر الرجل. فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه فيما قال. ما نعلم ركبا أحمق منكم. أو كما قالوا لهم. فقالوا لهم: سلام عليكم. لا نجاهلكم. لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيرا.
قال: ويقال إن النفر النصارى من أهل نجران. فالله أعلم أيّ ذلك كان.
قال: ويقال، والله أعلم، إن فيهم نزلت هذه الآيات الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إلى قوله: لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ.
قال: وسألت الزهري عن هذه الآيات فيمن نزلت؟ قال: ما زلت أسمع من علمائنا أنهن نزلن في النجاشي وأصحابه رضي الله عنهم. والآيات اللاتي في سورة المائدة ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً [المائدة: ٨٢] ، إلى قوله فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة: ٨٣] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٦ الى ٥٨]
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ أي لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ أي أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أي القابلين للهداية. لاطلاعه على استعدادهم وكونهم غير مطبوع على قلوبهم.
[تنبيه:]
روى البخاري «١» في (صحيحه) في تفسير هذه الآية عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل
(١) أخرجه في: التفسير، ٢٨- سورة القصص، ١- باب قوله إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، حديث ٧١٧.