قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ كان كفار مكة يتربصون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ريب المنون، تخلصا من دعوته وانتشارها، فأمر أن يقول لهم ذلك. أي أخبروني إن أماتني الله ومن معي من المؤمنين، أو رحمنا بتأجيل آجالنا وانتصارنا، فمن يجيركم من عذاب أليم قضى الله وقوعه بكم لكفركم؟.
قال ابن كثير: أي خلصوا أنفسكم، فإنه لا منقذ لكم من الله إلا بالتوبة والإنابة، والرجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال، فسواء عذبنا الله أو رحمنا، فلا مناص لكم من عذابه ونكاله الواقع بكم. والمعني بالعذاب: إما الدنيوي، وهو خزيهم بالانتصار عليهم، ودحور ضلالهم. أو الأخروي، وهو أشد وأبقى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الملك (٦٧) : آية ٢٩]]
قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا أي اعتمدنا في أمورنا، لا على ما تتكلون عليه من رجالكم وأموالكم. فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي في ذهاب عن الحق، وانحراف عن طريقه منا ومنكم، إذا جاء نصر الله والفتح في الدنيا، ونشأته الثانية في الأخرى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الملك (٦٧) : آية ٣٠]]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً أي غائرا لا تناله الدلاء، أو ذاهبا في الأرض فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ؟ أي جار ظاهر سهل التناول.
قال الرازي: المقصود تقريرهم ببعض نعمه تعالى، ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر. أي: أخبروني إن صار ماؤكم ذاهبا في الأرض، فمن يأتيكم بماء معين؟ فلا بد وأن يقولوا: هو الله. فيقال لهم حينئذ: فلم تجعلون من لا يقدر على شيء أصلا، شريكا له في العبودية. وهو كقوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ؟ [الواقعة: ٦٨] ، أي بل هو الذي أنزله وسلكه ينابيع، رحمة بالعباد، فله الحمد.