للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : آية ١٢٤]]

إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤)

إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ يعني اليهود، فرض عليهم تقديسه وإراحة أنفسهم ودوابّهم فيه من الأعمال. فاعتدوا فيه واحتالوا لحلّه.

قال القاشاني: أي ما فرض عليك، إنما فرض عليهم. فلا يلزمك اتباع موسى في ذلك، بل اتباع إبراهيم، وقوله تعالى: وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أي بالمجازاة على اختلافهم، يعني إفسادهم وزيغهم عن طريق الحق.

ثم بين تعالى أدب الدعوة إلى دينه الحق، بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : آية ١٢٥]]

ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)

ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ أي بالمقالة المحكمة الصحيحة. وهو الدليل الموضح للحق، المزيح للشبهة وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ أي العبر اللطيفة والوقائع المخيفة، ليحذروا بأسه تعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة، من الرفق واللين وحسن الخطاب، من غير عنف. فإن ذلك أبلغ في تسكين لهبهم. وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أي عليك البلاغ والدعوة بالصفة المبينة فلا تذهب نفسك، على من ضلّ منهم، حسرات، فإنه ليس عليك هداهم. لأنه هو أعلم بمن يبقى على الضلال وبمن يهتدي إليه. فيجازي كلّا منهما بما يستحقه. أو المعنى:

اسلك في الدعوة والمناظرة الطريقة المذكورة. فإن الله تعالى هو أعلم بحال من لا يرعوي عن الضلال بموجب استعداده المكتسب. وبحال من يصير أمره إلى الاهتداء لما فيه من خير جبلّي. فما شرعه لك في الدعوة، هو الذي تقتضيه الحكمة. فإنه كاف في هداية المهتدين وإزالة عذر الضالين. أفاده أبو السعود.

[تنبيه:]

دلّ قوله تعالى: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ على الحث على الإنصاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>