هذا الحديث ليصدوا عن سبيل الله. و (الذين) بدل من واو (أسروا) أو مبتدأ خبره (أسروا) أو منصوب على الذم أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ أي تنقادون له وتتبعونه. وقوله وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ حال مؤكدة للإنكار والاستبعاد. قال الزمخشريّ رحمه الله:
اعتقدوا أن رسول الله لا يكون إلا ملكا، وأن كل من ادعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة هو ساحر، ومعجزته سحره. فلذلك قالوا على سبيل الإنكار: أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر.
قال أبو السعود: وزلّ عنهم أن إرسال البشر إلى عامة البشر، هو الذي تقتضيه الحكمة التشريعية. وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٤]]
قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤)
قالَ رَبِّي حكاية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم. وقرئ (قل) على الأمر له صلوات الله عليه يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ السَّمِيعُ أي لما أسروه الْعَلِيمُ أي به فيجازيهم. ثم بين خوضهم في فنون الاضطراب وعدم اقتصارهم على ما تقدم من دعوى السحر، بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٥]]
بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥)
بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أي أخلاط يراها في النوم بَلِ افْتَراهُ أي اختلقه بَلْ هُوَ شاعِرٌ أي ما أتى به شعر يخيل للناس معاني لا حقيقة لها. وهكذا شأن المبطل المحجوج، لا يزال يتردد بين باطل وأبطل، ويتذبذب بين فاسد وأفسد فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ أي مثل الآية التي أرسل بها الأولون. أي حتى نؤمن له. ثم أشار تعالى إلى كذبهم في دعوى الإيمان بمجيء الآية، كما يشير إليه طلبهم لها، بقوله سبحانه وتعالى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٦]]
ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦)
ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها، أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ أي لم تؤمن أمة من الأمم