للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنبيهات:]

الأول- هذه الآية أصل في كل ما يلزم إعداده للجهاد من الأدوات.

الثاني- في قوله تعالى تُرْهِبُونَ بِهِ إشارة إلى التجافي عن أن يكون الإعداد لغير الإرهاب كالخيلاء.

وفي حديث الإمام مالك عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: الخيل ثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر ولرجل وزر. فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر. ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر.

الثالث- ما ذكرناه في تأويل (الآخرين) من أنهم المنافقون، يشهد له قوله تعالى وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ، نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة: ١٠١] .

ثم بين تعالى جواز مصالحة الكفار بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٦١]]

وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)

وَإِنْ جَنَحُوا أي مالوا وانقادوا لِلسَّلْمِ بكسر السين وفتحها، لغتان، وقد قرئ بهما. أي الصلح والاستسلام، بوقوع الرهبة في قلوبهم، بمشاهدة ما بكم من الاستعداد، وإعتاد العتاد فَاجْنَحْ لَها أي فمل إلى موافقتهم وصالحهم وعاهدهم، وإن قدرت على محاربتهم، لأن الموافقة أدعى لهم إلى الإيمان. ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح، ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تسع سنين، أجابهم إلى ذلك، مع ما اشترطوا من الشروط الأخر. و (السلم) يذكر ويؤنث- كما في القاموس- قال الزمخشري: (السلم) تؤنث تأنيث نقيضها، وهي الحرب. قال العباس بن مرداس:

السّلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب يكفيك من أنفاسها جرع

وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي لا تخف في الصلح مكرهم، فإنه يعصمك من مكرهم إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم الْعَلِيمُ أي بأحوالهم، فيؤاخذهم بما يستحقون، ويردّ كيدهم في نحرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>