للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لطائف:]

قال السيلكوتي: اعلم أن قوله تعالى: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا.. إلخ جملة معللة لما سبق من أحوال الكفار من المنافقين وأهل الكتاب يعنى أنّ جميع ما ذكر من صفاتهم الذميمة، لأجل تهالكهم في محبة الحياة الدنيا وإعراضهم عن غيرها وأورد التزيين بصيغة الماضي لكونه مفروغا منه، مركوزا في طبيعتهم. وعطف عليه بالفعل المضارع- أعني يَسْخَرُونَ- لإفادة الاستمرار. وعطف قوله وَالَّذِينَ اتَّقَوْا لتسلية المؤمنين.

وقوله تعالى: وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ يعني: ما يعطي الله هؤلاء المتقين من الثواب بغير حساب، أي: رزقا واسعا رغدا لا فناء له ولا انقطاع، كقوله سبحانه: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ [غافر: ٤٠] فإنّ كل ما دخل تحت الحساب والحصر والتقدير فهو متناه، فما لا يكون متناهيا كان لا محالة خارجا عن الحساب.

وقد استقصى الراغب: ما تحتمله الآية من وجوهها- وتلك سعة- وعبارته:

أعطاه بغير حساب: إذا أعطاه أكثر مما يستحق، أو أقلّ مما يستحق والأول هو المقصود وهو المشار إليه بالإحسان وقد فسّر ذلك على أوجه لإجمال اللفظ وإبهامه:

الأول: يعطيه عطاء لا يحويه حصر العباد. كقول الشاعر:

عطاياه، يحصى قبل إحصائها القطر الثاني: يعطيه أكثر مما يستحقه.

الثالث: يعطيه ولا منّة.

الرابع: يعطيه بلا مضايقة. من قولهم: حاسبه.

الخامس: يعطيه أكثر مما يحسبه أن يكفيه- وكلّ هذه الوجوه يحتمل أن يكون في الدنيا، ويحتمل أن يكون في الآخرة.

السادس: أنّ ذلك إشارة إلى توسيعه على الكفّار والفسّاق الذين قال فيهم:

وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ... [الزخرف: ٣٣] الآية، وتنبيها أن لا فضيلة في المال لمن يوسع عليه، ما لم يستعن عليه في الوصول إلى المطلوب منه ولهذا قال تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ ... [المؤمنون: ٥٥- ٥٦] الآية.

السابع: يعطي أولياءه بلا تبعة ولا حساب عليهم فيما يعطون، وذلك لأنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>