وَدَخَلَ جَنَّتَهُ أي بصاحبه يطوف به فيها ويفاخره بها. كما يدل عليه السياق ومحاورته له. وإفراد الجنة هنا مع أن له جنتين كما مر، إما لعدم تعلق الغرض بتعددها، وإما لاتصال إحداهما بالأخرى، وإما لأن الدخول يكون في واحدة فواحدة.
قيل: الإضافة تأتي لمعنى اللام. فالمراد بها العموم والاستغراق. أي كل ما هو جنة له يتمتع بها. فيفيد ما أفادته التثنية مع زيادة. وهي الإشارة إلى أنه لا جنة له غير هذه وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ أي بما يوجب سلب النعمة، وهو الكفر والعجب. وفي (العناية) ظلمه لها إما بمعنى تنقيصها وضررها، لتعريض نعمته للزوال ونفسه للهلاك، أو بمعنى وضع الشيء في غير موضعه. لأن مقتضى ما شاهده التواضع المبكي، لا العجب بها وظنها أنها لا تبيد أبدا. والكفر بإنكار البعث كما يدل عليه قوله: قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ أي تهلك وتفنى هذِهِ أي الجنة أَبَداً لاعتقاده أبدية الدهر، وأن لا كون سوى ما تقع عليه مشاعره. ولذا قال:
وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أي كائنة آتية، وقوله: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً إقسام منه على أنه، إن رد إلى ربه، على سبيل الفرض والتقدير، كما يزعم صاحبه، ليجدن في الآخرة خيرا من جنته في الدنيا، تطمعا وتمنيا على الله، وادعاء لكرامته عليه ومكانته عنده. وإنه ما أولاه الجنتين إلا لاستحقاقه واستئهاله. وأن معه هذا الاستحقاق أينما توجه. كقوله: إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى [فصلت: ٥٠] ، لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً [مريم: ٧٧] ، ومُنْقَلَباً أي مرجعا وعاقبة.
أفاده الزمخشريّ.
قال المهايميّ: فكفر بالقول بقدم العالم ونفي حشر الأجساد واعتقد عكس الجزاء إذ قال: لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً والقول بقدم العالم ينفي اختيار الصانع وإرادته. وبإنكار حشر الأجساد ينفي قدرته على الإعادة. وبعكس الجزاء ينفي