للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أي مؤاخذة المرة الآخرة وعقوبتها. وقوله تعالى: لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ متعلق بجواب (إذا) المحذوف. أي بعثناهم ليسوؤا وجوهكم، أي ذواتكم بالإذلال والقهر.

قال الشهاب: عديت المساءة إلى الوجوه، وإن كانت عليهم، لأن آثار الأعراض النفسانية إنما تظهر في الوجه. كنضارة الوجه وإشراقه بالفرح. وكلوحه وسواده بالخوف والحزن. فالوجه، بمعنى الذات مجاز مرسل، أو استعارة تبعية. وقيل:

الوجوه بمعنى الرؤساء. وهو تكلف. واختير هذا على (ليسوؤكم) مع أنه أخصر وأظهر، إشارة إلى أنه جمع عليهم ألم النفس والبدن، المدلول بقوله: وَلِيُتَبِّرُوا.

انتهى.

وقوله تعالى: وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ أي الأقصى كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا أي يدمروا ما عَلَوْا تَتْبِيراً أي عظيما فظيعا، والتتبير: التدمير. وكل شيء كسرته وفتّته فقد تبرته. ثم أشار إلى أن فعله تعالى ليخلصوا توبتهم وأعمالهم بقوله:

عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ أي إذ أخلصتم للإنابة، وأحسنتم الأعمال، وأقمتم الكتاب وما نزل إليكم، لأنكم علمتم من سنته تعالى أنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ولا يرفعه إلا بتوبة، ولذا قال: وَإِنْ عُدْتُمْ أي بعد هذه التوبة والإنابة إلى الاستكبار عُدْنا أي إلى تسليط الأعداء وسلب الأموال والأولاد في الدنيا.

وَجَعَلْنا أي يوم القيامة جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً أي محبسا وسجنا يحصرهم في العذاب والحرمان عن الثواب.

قال الشهاب: إن كان- (حصيرا) - اسما للمكان فهو جامد لا يلزم تذكيره وتأنيثه. وإن كان بمعنى حاصرا أي محيطا بهم، وفعيل بمعنى فاعل، يلزم مطابقته.

فإما لأنه على النسب. كلابن وتامر. أو لحمه على (فعيل) بمعنى (مفعول) . أو لأن تأنيث جهنم غير حقيقيّ أو لتأويلها بمذكر. انتهى.

وقيل: حصيرا، أي بساطا كما يبسط الحصير. مثل قوله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ [الأعراف: ٤١] ، فهو تشبيه بليغ. والحصير بهذا المعنى بمعنى محصور لحصر بعض طاقاته على بعض. كما قاله الراغب.

[تنبيه:]

روي أن بني إسرائيل كان الأمر مستتبا لهم في فلسطين إلى موت سليمان عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>