السلام. فلما ملك ابنه بعده، وذلك قبل المسيح بما ينيف على تسعمائة سنة، وقع من الاختلال في عهده ما أفضى إلى تقريره عبادة الأوثان. فعوجل بعد خمس سنين من ملكه بأخذ ملك مصر بيت المقدس وسلب كنوز هيكلها (المسجد الأقصى) ونهب ما فيها. ولما ساء تصرفه تمرد عليه شعبه وخلعوا طاعته. فانقسمت مملكته إلى قسمين: أحدهما دعى مملكة يهوذا وهي المؤلفة من سبطي يهوذا وبنيامين، بقيا خاضعين لابن سليمان.
وثانيهما: دعي مملكة إسرائيل وهي المؤلفة من بقية الأسباط العشرة. وكان أول ملك على مملكة إسرائيل رجل يقال له يربعام. خاف من رجوع رعاياه إلى طاعة ابن سليمان إذا صعدوا إلى أورشليم في الأعياد الاحتفالية ليعبدوا الله في الهيكل ويقربوا ذبائحهم هناك. فأقام في مملكته عجلين من ذهب. وأمر رعيته بعبادتهما.
ورتب لهم أعيادا احتفالية وكهنة وقامت حروب هائلة بين ملوك هاتين الطائفتين.
وكان يتخللهما من الملوك من ينزع عبادة الأوثان. إلا أنه لا يلبث الحال حين يأتي ملك آخر فيعيد الوثنية. واستمرت مملكة إسرائيل نحوا من مائتين وخمسين سنة.
وفي نهاية أمرهم عظمت خطيئاتهم فسلط عليهم ملك أشّور ففتح السامرة- بلدهم- وسباهم إلى أشّور وانقرضت مملكة العشرة الأسباط ولم يسمع ذكرهم بعد. ثم أرسل ملك أشّور قوما من بلده وأسكنهم مدن السامرة ليعمروها مع من بقي من أهلها. وأرسل معهم كاهنا من اليهود ليقيم لمن بقي طقوسهم. فعادوا إلى شركهم وعبادة الأوثان مع الله تعالى. وأما مملكة يهوذا فبقيت بعد انقراض مملكة إسرائيل ما ينيف على عشرين سنة، وفي أواخر أيامها قام فيها ملك شرير. فزحف إليه ملك بابل نبوخذ ناصر (بختنصر) فسبى قسما من شعبه، وكان السبي الأول.
ثم قام، بعد ذلك الملك الشرير، ابنه. فسار على طريقة أبيه. فعاد إليه ملك بابل المذكور واستأسره هو وآله ورؤساءه وقسما من الشعب. وسلب الهيكل. وكان هذا السبي الثاني بعد ثماني سنين من الأول.
ثم قام فيهم ملك أشرّ ممن تقدم- وهو آخر ملوكهم- وفي أيامه حاصر ملك بابل المذكور أيضا بيت المقدس، وأسره إلى بابل، وأحرق المدينة والهيكل، وسبى كل شعب يهوذا، ما عدا مساكين الأرض، إلى بابل. وهذا هو السبي الثالث والأخير.
وهكذا انقرضت هذه المملكة وكانت إقامتهم في بابل سبعين سنة. ثم أطلقوا من الأسر فعادوا إلى بيت المقدس. وجددوا عمارتها وقيام الهيكل. وبقيت اليهود تحت تسلط ملوك فارس إلى أن ظهر الإسكندر الكبير. وغلبت اليونان الفرس وجاء