قال الكمال بن أبي شريف: عطفهما- يعني الإياس والأمن- في الحديث على (الإشراك بالله) المحمول على مطلق الكفر، ظاهر في أنهما غير الكفر.
وقال أيضا. مراد الشافعية بكونه كبيرة، أن من غلب عليه الرجاء غلبة دخل بها في حد الأمن من المكر، كمن استبعد العفو عن ذنوبه لعظمها استبعادا دخل به في حد اليائس. وأما من كان أمنه لاعتقاد أن لا مكر، كمن كان يأسه لإنكار سعة الرحمة ذنوبه. فينبغي أن يكون كل منهما كافرا عند الشافعية أيضا، ويحمل عليه نص القرآن- انتهى-.
أَوَلَمْ يَهْدِ أي يتبين لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أي المأخوذين.
أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أي كما أصبنا من قبلهم فأهلكنا الوارثين كما أهلكنا الموروثين وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ أي نختم عليها فلا يقبلون موعظة ولا إيمانا.
قال أبو البقاء: يقرأ (يهد) بالياء وفاعله (أن لو نشاء) . و (أن) مخففة من الثقيلة. أي: أو لم يبين لهم علمهم بمشيئتنا. ويقرأ بالنون. و (أن لو نشاء) مفعوله. وقيل: فاعل (يهدي) ضمير اسم الله تعالى- انتهى-.
ويؤيده قراءة النون. وجوز أن يكون ضميرا عائدا على ما يفهم مما قبله، أي:
أولم يهد ما جرى للأمم السابقة. وتعدية (يهد) باللام، لأنه بمعنى (يبين) إما بطريق المجاز، أو التضمين.
قال الشهاب: وإنما جعل بمعنى (يبين) ، وإن كان (هدى) يتعدى بنفسه، وباللام وبإلى- لأن ذلك في المفعول الثاني لا في الأول، كما هنا، فهذا استعمال آخر. وقيل: لك أن تحمل اللام على الزيادة، كما رَدِفَ لَكُمْ [النمل: ٧٢] والمراد ب (الذين) أهل مكة ومن حولها، كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما- انتهى-.