هو في سن الفتوّة. وكان يوشع خادم موسى عليه السلام ومحبا له، وإذا غيرة على كرامته. ولذلك اختصه موسى رفيقا له وخادما. وصار خليفة من بعده على بني إسرائيل. وفتح عليه تعالى بيت المقدس ونصره على الجبارين. وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٦١]]
فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١)
فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما أي البحرين نَسِيا حُوتَهُما أي خبر حوتهما، وتفقد أمره، وكانا تزوداه.
فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ أي طريقه فِي الْبَحْرِ سَرَباً أي مثل السرب في الأرض، واضح المسلك، معجزة جعلت علامة للمطلوب.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٦٢]]
فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢)
فَلَمَّا جاوَزا أي مجمع بينهما، وهو المكان الذي نسيا فيه الحوت قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا أي ما نتغدى به لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً أي تعبا ومشقة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٦٣]]
قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣)
قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ أي خبر الحوت. وإسناد النسيان إليهما، أولا، إما بمعنى نسيان طلبه، والذهول عن نفقده، لعدم الحاجة إليه.
وإما للتغليب، بناء على أن الناسي إنما كان يوشع وحده. فإنه نسي أن يخبر موسى بشأنه العجيب، فيكون كقوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [الرحمن:
٢٢] ، وإنما يخرج من المالح وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ أي لك. و (أن أذكره) بدل من الهاء في (أنسانيه) أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان. وقد قرأ حفص بضم الهاء من غير صلة وصلا، والباقون بكسرها وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً أي أمرا عجيبا، إذ صار الماء عليه سربا.