وبين أرحامكم وأولادكم كما قال: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس: ٣٤- ٣٦] ، انتهى، وهو تأويل جيد.
[لطيفة:]
قال السمين: يجوز في يَوْمَ الْقِيامَةِ وجهان:
أحدهما- أن يتعلق بما قبله، أي لن تنفعكم يوم القيامة، فيوقف عليه، ويبتدأ ب يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ.
والثاني- أي يتعلق بما بعده أي يفصل بينكم يوم القيامة، فيوقف على أَوْلادُكُمْ، ويبتدأ ب يَوْمَ الْقِيامَةِ.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أي فيجازيكم عليه.
[تنبيهات:]
الأول- قال ابن جرير: ذكر أن هذه الآيات، من أول هذه السورة، نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة، وكان كتب إلى قريش بمكة يطلعهم على أمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخفاه عنهم- ثم ساق الروايات-.
وأما رواية البخاري «١» فعن عليّ رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فذهبنا تعادى بنا خيلنا، حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا:
أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب! فقلنا: لتخرجنّ الكتاب، أو لنلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه:
من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين، يخبرهم ببعض أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا حاطب؟ قال: لا تعجل عليّ يا رسول الله! إني كنت امرءا من قريش، ولم أكن من أنفسهم. وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا، ولا ارتدادا عن ديني. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنه قد صدقكم. فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه! فقال: إنه
(١) أخرجه في: الجهاد، ١٤١- باب الجاسوس، حديث رقم ١٤٢٩. [.....]