للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية، فإن ابن عباس أفتى بذلك، وهو راوي الحديث.

انتهى.

وقد طعن الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث (الهداية) في دعوى إجماع الصحابة على قتل اللوطيّ في رواية البيهقي: أن أبا بكر جمع الصحابة فسألهم، فكان أشدهم في ذلك قولا عليّ، فقال: نرى أن نحرقه بالنار، فاجتمع رأيهم على ذلك. قال ابن حجر: قلت: وهو ضعيف جدّا. ولو صح لكان قاطعا للحجة. انتهى.

وجليّ أن عقوبات القتل أعظم الحدود، فلا يؤخذ فيها إلا بالقواطع من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع أو حديث صحيح السند والمتن، قطعيّ الدلالة. ولذا كان على الحاكم بذل جهده في ذلك استبراء لدينه- والله أعلم-.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٨٥]]

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥)

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً أي وأرسلنا إليهم. قال ابن إسحاق، هم من سلالة مدين بن إبراهيم. وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين.

قال ابن كثير: مدين تطلق على القبيلة وعلى المدينة التي بقرب معان من طريق الحجاز وهم أصحاب الأيكة.

قالَ يا قَوْمِ أي: الذين أحب كمالهم دينا ودنيا اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وهذه دعوة الرسل كلهم كما قدمنا قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي ما تبيّن به الحق من الباطل. يعني دعوته وإرشاده. ومن هنا قال بعضهم: عني بالبينة مجيء شعيب، وأنه لم تكن له آية إلا النبوة. ومن فسر البينة بالحجة والبرهان والمعجزة المحسوسة ذهابا إلى أن النبيّ لما كان يدعو إلى شرع يوجب قبوله، فلا بد من دليل يعلم صدقه به، وما ذاك إلا المعجزة- قال: إن معجزة شعيب لم تذكر في القرآن، وليست كل آيات الأنبياء مذكورة في القرآن. ولا يخفى أن البينة أعم من المعجزة بعرفهم، فكل من أبطلت شبهة ضلاله، وأظهرت له حجة الحق الذي يدعى إليه فقد جاءته البينة. لأن حقيقة البينة كل ما يبين الحق. فاحفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>