حسن بحسب الشهوة فوجب أن يقال: الرجوع عن كونه حسنا بحسب الشريعة.
وهذا إنما يكون كذلك إذا كانت محرمة. انتهى.
[تنبيه:]
قال ابن كثير: دلت الآية على التسوية بين المسكر المتخذ من النخل والمتخذ من العنب كما هو مذهب الجمهور.
وفي (فتح البيان) قد حمل السكر جماعة من الحنفية على ما لا يسكر من الأنبذة وعلى ما ذهب ثلثاه بالطبخ حتى يشتد إلى حد السكر. كما في (الكشاف) قالوا: إنما يمتن الله على عباده بما أحله لا بما حرمه عليهم. وهذا مردود بالأحاديث الصحيحة المتواترة على فرض تأخره عن آية تحريم الخمر. انتهى.
وليس هذا موضع بسط ذلك. قال ابن كثير: وقد ناسب ذكر العقل هاهنا في قوله تعالى: لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فإنه أشرف ما في الإنسان. ولهذا حرم الله على هذه الأمة الأشربة المسكرة صيانة لعقولها. انتهى.
ولما بين تعالى أن إخراج الألبان من النعم، وإخراج السكر والرزق الحسن من ثمرات النخيل والأعناب، دلائل قاهرة وبينات باهرة، على أن لهذا العالم إلها واحدا قادرا مختارا حكما- أرشد إلى آيته الساطعة في النحل أيضا بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٨ الى ٦٩]
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ المراد من الوحي الإلهام والهداية إلى بنائها تلك البيوت العجيبة المسدسة، من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض، مما لا يمكن مثله للبشر إلا بأدوات وآلات. وقد أرشدها تعالى إلى بنائها بيوتا تأوي إليها في ثلاثة أمكنة: الجبال.
والشجر. وبيوت الناس، حيث يعرشون أي يبنون العروش، جمع (عرش) وهو البيت الذي يستظل به كالعريش. وليس للنحل بيت في غير هذه الأمكنة: الجبال والشجر وبيوت الناس. وأكثر بيوتها ما كان في الجبال وهو المتقدم في الآية ثم في الشجر دون ذلك ثم في الثالث أقل.