ابن أخي! إن ربك الذي تعبده ليطيعك. فقال: يا عم! وأنت لو أطعته لكان يطيعك.
أي يجيبك لمقصودك.
وحسنه في الحديث المشاكلة، فظهر أن العرب استعملته بهذا المعنى.
قال الخازن: وقال بعضهم: هو على ظاهره. وقال: غلط القوم وقالوا ذلك قبل استحكام الإيمان والمعرفة في قلوبهم. وكانوا بشرا، فقالوا هذه المقالة. فرد عليهم غلطهم بقوله قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني اتقوا الله أن تشكّوا في قدرته.
والقول الأول أصح. انتهى.
وعليه فمعنى اتَّقُوا اللَّهَ من أمثال هذا السؤال، وأن توقفوا إيمانكم على رؤية المائدة إِنْ كُنْتُمْ به وبرسالتي مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان مما يوجب التقوى والاجتناب عن أمثال هذه الاقتراحات.
[لطيفة:]
في المائدة قولان: الأول- أنها الطعام نفسه، من (ماد) إذا أفضل. كما في (اللسان) وهذا القول جزم به الأخفش وأبو حاتم. أي: وإن لم يكن معه خوان. كما في (التقريب) و (اللسان) وصرح به ابن سيده في (المحكم) .
قال الفاسيّ: والآية صريحة فيه، قاله أرباب التفسير والغريب. والثاني- أنها الخوان عليه الطعام. قال الفارسيّ: لا تسمى مائدة حتى يكون عليها طعام، وإلا فهي خوان، وصرّح به فقهاء اللغة. وجزم به الثعالبيّ وابن فارس. واقتصر عليه الحريريّ في (درة الغوّاص) وزعم أن غيره من أوهام الخواص. وذكر الفاسيّ في (شرحها) أنه يجوز إطلاق (المائدة) على (الخوان) مجرّدا عن الطعام. باعتبار أنه وضع أو سيوضع. وقال ابن ظفر: ثبت لها اسم المائدة بعد إزالة الطعام عنها. كما قيل (لقحة) بعد الولادة. وقال أبو عبيد: المائدة في المعنى مفعولة، ولفظها فاعلة.
وهي مثل عيشة راضية. وقيل: من (ماد) إذا أعطى. يقال: ماد زيدا عمرا، إذا أعطاه. وقال أبو إسحاق: الأصل عندي في (مائدة) أنها فاعلة. من (ماد يميد) إذا تحرّك. فكأنها تميد بما عليها. أي: تتحرك. وقال أبو عبيدة: سميت (مائدة) لأنها ميد بها صاحبها. أي: أعطيها وتفضّل عليه بها. وفي (العناية) : فكأنها تعطي من حولها مما حضر عليها. وفي (المصباح) : لأن المالك مادها للناس. أي: أعطاهم إياها. ومثله في كتاب (الأبنية لابن القطاع) : ويقال في المائدة ميدة. قاله الجرميّ وأنشد: