للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا أي يستهزئون قائلين ذلك. والإشارة للاستحقار. لأن كلمة (هذا) تستعمل له. وعائد الموصول محذوف. أي بعثه. و (رسولا) حال منه إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها أي أنه كاد ليصرفنا عن عبادتها صرفا كليّا، لولا أن ثبتنا عليها.

قال الزمخشريّ: فيه دليل على فرط مجاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوتهم، وبذل قصارى الوسع والطاعة في استعطافهم، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم، حتى شارفوا بزعمهم، أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا جواب منه تعالى لآخر كلامهم. وفيه وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدة الإمهال. ولا بد للوعيد أن يلحقهم، فلا يغرنهم التأخير.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٣]]

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣)

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا تعجيب للنبيّ صلوات الله عليه من شناعة حالهم، بعد حكاية قبائحهم من الأقوال والأفعال.

قال الزمخشريّ: من كان في طاعة الهوى في دينه، يتبعه في كل ما يأتي ويذر، ولا يتبصر دليلا، ولا يصغي إلى برهان، فهو عابد هواه وجاعله إلهه. فيقول تعالى لرسوله: هذا الذي لا يرى معبودا إلا هواه، كيف تستطيع أن تدعوه إلى الهدى؟

أفتتوكل عليه وتجبره على الإسلام؟ وتقول لا بد أن تسلم، شئت أو أبيت. ولا إكراه في الدين. وهكذا كقوله وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: ٤٥] ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: ٢٢] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٤]]

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا أي منهم. لأن الأنعام تصرف قواها إلى طلب ما ينفعها، والنفرة مما يضرها. وهؤلاء عطّلوا قواهم وهي العقول التي يهتدى بها للحق، ويميز بها بين الخير والشر. ثم أشار

<<  <  ج: ص:  >  >>