للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسباق الداحض لشبهات النصارى، أن تكون هذه الآية فيهم زجرا لهم عمّا سلكوه، إثر إبطاله بالبراهين الدامغة. على أن الغلوّ ألصق بالنصارى منه باليهود، كما لا يخفى. والله أعلم.

ثم أخبر تعالى أنه لعن الكافرين من بني إسرائيل فيما أنزله على داود وعيسى عليهما السلام. بسبب عصيانهم وما عدّد من كبائرهم. فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٧٨]]

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨)

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ أي: لعنهم الله عز وجلّ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أي: لسانيهما. وأفرد لعدم اللبس، إن أريد باللسان الجارحة.

وقيل: المراد به الكلام وما نزل عليهما. كذا في (العناية) .

ذلِكَ أي: لعنهم الهائل بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ بقتل الأنبياء واستحلال المعاصي.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٧٩]]

كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)

كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ أي: لا ينهى بعضهم بعضا عن ارتكاب المآثم والمحارم. ثم ذمّهم على ذلك ليحذر من ارتكاب مثل الذي ارتكبوه فقال:

لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ مؤكدا بلام القسم. تعجيبا من سوء فعلهم، كيف وقد أدّاهم إلى ما شرح من اللعن الكبير.

[تنبيهات:]

الأول: دلت الآية على جواز لعنهم.

الثاني: دلت الآية أيضا على المنع من الذرائع التي تبطل مقاصد الشرع. لما رواه أكثر المفسرين، أن الذين لعنهم داود عليه السلام أهل أيلة الذين اعتدوا في السبت واصطادوا الحيتان فيه. وستأتي قصتهم في (الأعراف) .

الثالث: دلت أيضا على وجوب النهي عن المنكر.

قال الحاكم: وتدل على أن ترك النهي من الكبائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>