للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما التوكل في الدين فخصال:

منها: أن يقوم بالواجبات، ويجتنب المحارم، لأنه بذلك يصل إلى الجنة والرحمة.

ومنها: أن يسأله التوفيق والعصمة.

ومنها: أن يرى جميع نعمه منه، إذ حصل بهدايته وتمكينه ولطفه.

ومنها: أن لا يثق بطاعته جملة، بل يطيع ويجتنب المعاصي، ويرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه. فعند ذلك يكون متوكلا.

ثم قال الجشمي: وتدل الآية على أن تارك الصلاة والزكاة لا يكون مؤمنا، خلاف قول المرجئة. انتهى.

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٥]]

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ الكاف في (كما) كاف التشبيه، والعامل فيه يحتمل وجوها، فإما هو معنى الفعل الذي دل عليه قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ، تقديره نزع الأنفال من أيديهم بالحق، كما أخرجك بالحق. وإما هو معنى الحق، يعني هذا الذكر حق، كما أخرجك بالحق. وإما أنه خبر مبتدأ محذوف هو المشبه، أي حالهم هذه في كراهة تنفيل الغزاة، كحال إخراجك من بيتك للحرب في كراهتهم له (كما سيأتي في تفصيل القصة) . وهذا هو قول الفرّاء، فإنه قال: الكاف شبهت هذه القصة التي هي إخراجه من بيته، بالقصة المتقدمة، التي هي سؤالهم عن الأنفال وكراهتهم لما وقع فيها، مع أنها أولى بحالهم.

وقوله تعالى: مِنْ بَيْتِكَ أراد به بالمدينة، أو المدينة نفسها، لأنها مثواه.

أي إخراجه إلى بدر. وزعم بعض أن المراد إخراجه صلّى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدينة للهجرة.

وهو ساقط، برده سياق القصة البدرية في الآيات بعد. وملخصها أن أبا سفيان قدم بعير من الشام في تجارة عظيمة، فخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ليغنموها، فعلمت قريش. فخرج أبو جهل ومقاتلو مكة ليذبّوا عنها، وهم النفير. وأخذ أبو سفيان بالعير

<<  <  ج: ص:  >  >>