صاحبها مسؤولا عما نسب إليها يوم القيامة. أو تسأل نفس الأعضاء لتشهد على صاحبها.
قال المهايمي: قدم السمع لأن أكثر ما ينسب الناس أقوالهم إليه. وأخر الفؤاد، لأن منتهى الحواس. ولم يذكر بقيتها لأنه لا يخالفها قول أو فعل.
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي مختالا. أي مشية المعجب المتكبر. إذ لا يفيدك قوة ولا علوّا. كما قال سبحانه: إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ أي لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها، وشدة وطأتك: وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا أي لن تحاذيها بتطاولك ومدّ قامتك، كما يفعله المختال تكلفا، وفي هذا تهكم بالمختال، وإيذان بأن ذلك مفاخرة مع الأرض وبعض أجزائها.
قال الناصر: وفي هذا التهكم والتقريع لمن يعتاد هذه المشية، كفاية في الانزجار عنها. ولقد حفظ الله عوامّ زماننا عن هذه المشية. وتورط فيها قراؤنا وفقهاؤنا. بينا أحدهم قد عرف مسألتين أو أجلس بين يديه طالبين، أو شدّ طرفا من رئاسة الدنيا، إذا هو يتبختر في مشيه، ويترجع ولا يرى أنه يطاول الجبال، ولكن يحك بيافوخه عنان السماء، كأنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون. وماذا يفيده أن يقرأ القرآن أو يقرأ عليه، وقلبه عن تدبره على مراحل، والله ولي التوفيق.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
كُلُّ ذلِكَ أي المنهيّ عنه من قوله: وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إلى هذه الغاية: كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً قال المهايمي: أما الشرك فلإخلاله بالكمال المطلق الذي لا يتصور مع الشرك. وأما عبادة الغير فلما فيها من تعظيمه المخصوص بذي الكمال المطلق فهو في معنى الشرك، وأما العقوق فلأنه كفران نعمة الأبوين في التربية، أحوج ما يكون المرء إليها. ومنع الحقوق بالبخل تفريط، والتبذير والبسط إفراط. وهما مذمومان، والذميم مكروه. والقتل يمنع الحكمة من بلوغها إلى كمالها ... والزنى وإتلاف مال اليتيم في معناه. ونقض العهد مخلّ بنظام العالم.
وكذا اقتفاء ما لا يعلم. والتكبر من خواص الحق. وعادة الملوك كراهة أن يأخذ أحد من خواصه شيئا: ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ أي مما يحكم العقل بصحته، وتصلح النفس بأسوته.