نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ أي بالعلم، كما رفعنا يوسف. وفي إيثار صيغة الاستقبال إشعار بأن ذلك سنة إلهية مستمرة، غير مختصة بهذه المادة.
وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ أي من أولئك المرفوعين عَلِيمٌ أي فوقه أرفع درجة منه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٧٧]]
قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (٧٧)
قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ هذا تنصل منهم إلى العزيز بالتشبيه به أي: إن هذا فعل كما فعل أخ له من قبل، يعنون به يوسف.
فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ، قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً أي منزلة، حيث سرقتم أخاكم من أبيكم، ثم طفقتم تفترون على البريء.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ أي من أمر يوسف.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٧٨]]
قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)
قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ، إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ لما تعين أخذ بنيامين وإبقاؤه عند يوسف بمقتضى فتواهم، طفقوا يعطّفونه عليهم، بأن له أبا شيخا كبيرا يحبه حبا شديدا يتسلى به عن أخيه المفقود، فخذ أحدنا بدله رقيقا عندك.
قال بعضهم: الفقه من هذه الجملة أن للكبير حقا يتوسل به، كما توسلوا بكبر يعقوب وقد ورد في الاستسقاء إخراج الشيوخ. انتهى.
وفي ما عزموا عليه لإنقاذ أخيهم من شرك العبودية، المقضي عليه بها، ما يشفّ عن حسن طوية، ووفاء بالوعد، ويعرب عن أمانة، وصدق بر، وشدّة تمسك بموثق أبيهم، محافظة على رضاه وإكرامه، وهكذا فليتمسك البار بمرضاة أبويه.
وقولهم: إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ أي إلينا، فأتمم إحسانك بهذه التتمة.
أو من المتعودين بالإحسان، فليكن هذا منه.