ترجح صدقه. فإنه لا يدعه أن يتصدى لا دعاء أمر خطير وخطب عظيم من غير تحقق وثوق ببرهان. فيفتضح على رؤوس الأشهاد، ويلقي نفسه إلى الهلاك. فكيف وقد انضم إليه معجزات كثيرة؟ وجوّز كون الجملة معلقا عنها. لقول ابن مالك: إنّ (تفكر) يعلّق حملا على أفعال القلوب. والتعبير عنه صلّى الله عليه وسلّم ب (صاحبهم) ، للإيماء أن حاله معروف مشهور بينهم، لأنه نشأ بين أظهرهم معروفا بقوة العقل ورزانة الحلم وسداد القول والفعل. إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ وهو عذاب الآخرة والمآل.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٧ الى ٤٩]
قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ أي أيّ شيء سألتكم من أجر على الرسالة فهو لكم. والمراد نفي السؤال رأسا. وإمحاض النصح كناية، لأن ما يسأله السائل، يكون له. فجعله للمسئول عنه،. كناية عن أنه لا يسأل أصلا. و (ما) على هذا شرطية. وجوز كونها موصولة مراد بها ما سألهم ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا [الفرقان: ٥٧] . وقوله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: ٢٣] . واتخاذ السبيل إليه تعالى منفعتهم الكبرى، وقرباه عليه السلام قرباهم. وجوّز أيضا كونها نافية. وقوله فَهُوَ لَكُمْ جواب شرط مقدر. أي فإذا لم أسألكم فهو لكم إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ أي يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه. أو يرمي به في أقطار الآفاق، فيكون وعدا بإظهار الإسلام وإعلاء كلمة الحق عَلَّامُ الْغُيُوبِ قُلْ جاءَ الْحَقُّ أي ظهر، وهو الإسلام ومحاسنه وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ كناية عن زهوق الباطل ومحو أثره. مأخوذ من هلاك الحيّ. فإنه مادام موجودا، إما أن يبدئ فعلا أو يعيده، فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة. ثم شاع في كل ما ذهب، وإن لم يبق له أثر، وإن يكن ذا روح. وجوز كون (ما) استفهامية منتصبة بما بعده. أي: أي شيء يقدر عليه.
[تنبيه:]
في (الإكليل) : في الآية استحباب هذا القول عند إزالة المنكر.