للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ألهمني شكرها وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي بحجة تبين عذره فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ أي فلبث في الغيبة أمدا غير طويل فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ وهي مدينة بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ أي سرير تجلس عليه، هائل مزخرف بأنواع الجواهر وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا أي هلّا يسجدوا. كما قرئ بذلك. وجوّز بعضهم أن يكون معمولا لما قبله. أي فصدهم عن السبيل لئلا يسجدوا، فحذف الجار مع (أن) أو أن تكون (لا) مزيدة، والمعنى: فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي يظهر ما هو مخبوء فيهما من نبات ومعادن وغيرهما وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ قرئ بالتاء والياء على صيغة الغيبة. والجملة التحضيضية إما مستأنفة من كلامه تعالى، أو محكية عن قول الهدهد. واستظهر الزمخشريّ الثاني. قال: لأن في إخراج الخبء أمارة على أنه من كلام الهدهد، لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض. وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السموات والأرض، جلت قدرته ولطف علمه. ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة النّظّار بنور الله، مخايل كل مختص بصناعة أو فن من العلم، في روائه ومنطقه وشمائله.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النمل (٢٧) : آية ٢٦]]

اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي المحيط بالشمس وسائر الكواكب وكل شيء. فما أصغر عرشها في جنب عظمته! وما أضعف معبودها- الشمس- في جانب قدرته!.

[تنبيه:]

هذه السجدة من عزائم السجدات. قال الزمخشريّ: لأن مواضع السجدة إما أمر بها، أو مدح لمن أتى بها، أو ذم لمن تركها. وإحدى القراءتين أمر بالسجود، والأخرى ذم للتارك.

<<  <  ج: ص:  >  >>