المختار منها أنها في موضع رفع بالعطف على المبتدأ، وهو لفظ الجلالة. أي:
والمتلوّ في الكتاب يفتيكم فيهن أيضا. أو بالعطف على ضميره في يُفْتِيكُمْ وساغ، لمكان الفصل بالمفعول والجارّ والمجرور. وذلك المتلوّ في الكتاب هو قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ قال الرازيّ: وحاصل الكلام أنهم كانوا قد سألوا عن أحوال كثيرة من أحوال النساء.
فما كان منها غير مبين الحكم، ذكر أن الله يفتيهم فيها. وما كان منها مبين الحكم في الآيات المتقدمة، ذكر أن تلك الآيات المتلوّة تفتيهم فيها. وجعل دلالة الكتاب على هذا الحكم إفتاء من الكتاب. ألا ترى أنه يقال في المشهور: إن كتاب الله بيّن لنا هذا الحكم. وكما جاز هذا، جاز أيضا أن يقال: إن كتاب الله أفتى بكذا. قال أبو السعود: وإيثار صيغة المضارع للإيذان باستمرار التلاوة ودوامها و (في الكتاب) إما متعلق ب (يتلى) أو بمحذوف وقع حالا من المستكنّ فيه. أي يتلى كائنا فيه فِي يَتامَى النِّساءِ متعلق ب (يتلى) أي: ما يتلى عليكم في شأنهن. وهذه الإضافة بمعنى (من) لأنها إضافة الشيء إلى جنسه. وقيل: من إضافة الصفة إلى الموصوف.
أي: النساء اليتامى اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ أي: ما وجب لهن من الميراث وغيره وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ روى البخاريّ «١» ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت، في هذه الآية: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليّها ووارثها. فأشركته في ماله حتى في العذق. فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما
(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ٤- سورة النساء، ٤- باب قوله: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ، الحديث ١٢٣٤.