للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من إنكار اتخاذهم أولياء. ونحو هذه الآية قوله تعالى قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: ٢٢- ٢٣] الآية.

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٥٢]]

وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢)

وَيَوْمَ يَقُولُ أي الحق تعالى: نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أي في دار الدنيا، أنهم شركاء لينقذوكم مما أنتم فيه. يقال لهم ذلك على رؤوس الأشهاد تقريعا وتوبيخا لهم فَدَعَوْهُمْ أي فنادوهم للإعانة، لبقاء اعتقاد شركهم فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ أي فلم يعينوهم، لعجزهم عن الجواب، فضلا عن الإعانة. وفي إيراده، مع ظهوره، تهكم بهم وإيذان بأنهم في الحماقة بحيث لا يفهمونه إلا بالتصريح به وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ أي بين الكفار وآلهتهم مَوْبِقاً أي مهلكا يشتركون فيه، وهو النار. أو عداوة هي في الشدة نفس الهلاك. كقول عمر رضي الله عنه (لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا) ، ويؤيد هذا قوله تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [مريم:

٨١- ٨٢] ، قال ابن كثير: وأما إن جعل الضمير في قوله بَيْنَهُمْ عائدا إلى المؤمنين والكافرين كما قال عبد الله بن عمرو (إنه يفرق بين أهل الهدى والضلالة به) - فهو كقوله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم: ١٤] ، وقال يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الروم: ٤٣] ، وقال تعالى: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس: ٥٩] ، وقال تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ، فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ إلى قوله: وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [يونس: ٢٨- ٣٠] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٥٣]]

وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣)

وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ أي جهنمهم المحيطة بأنواع الهلاك ووضع المظهر مقام المضمر تصريحا بإجرامهم، وذمّا لهم بذلك فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أي أيقنوا بأنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>