فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً أي بالكمال والولد المبارك، الموجود بالقدرة، الموهوب بالعناية. قال الزمخشريّ: أي جمعنا لك في السريّ والرطب فائدتين:
إحداهما الأكل والشرب والثانية سلوة الصدر، لكونها معجزتين. وهو معنى قوله فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً أي وطيبي نفسا ولا تغتمي. وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً أي من المحجوبين عن الحقائق بظواهر الأسباب، الذين لا يفهمون قولك ولا يصدقون بحالك. لوقوفهم مع العادة واحتجابهم عن نور الحق. فإذا سألوك فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا أي لا تكلميهم في أمرك شيئا. ولا تمادّيهم فيما لا يمكنهم قبوله. وإنما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء، والاكتفاء بكلام عيسى عليه السلام. فإنه نص قاطع في براءة ساحتها، فقوله: صَوْماً. أي صمتا. وقوله: فَلَنْ أُكَلِّمَ إلخ تفسير للنذر بذكر صيغته.
يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)
يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا استئناف لتجديد التعبير، وتأكيد التوبيخ، وتقرير لكون ما جاءت به فريا. و (هارون) هو النبيّ الشهير، صلوات الله عليه يعنون أنها مثله في الصلاح. لأن الأخ والأخت يستعمل بمعنى (المشابه) كثيرا.