للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق عن السدّي مرسلا. ورواه ابن مردويه عن السدّيّ عن أبي صالح عن ابن عباس. فذكره بنحوه.

ولا تنافي بين الروايتين لما أسلفناه في مقدمة التفسير في بحث سبب النزول.

فتذكر.

وقال الزمخشريّ: المراد بأولي الأمر منكم، أمراء الحق. لأن أمراء الجور، الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما. كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان. وكان الخلفاء يقولون: أطيعوني ما عدلت فيكم فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم.

وفي الصحيحين «١» عن عليّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الطاعة في المعروف» .

وروى الإمام أحمد «٢» عن عمران بن حصين عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا طاعة في معصية الله» .

[لطيفة:]

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : النكتة في إعادة العامل في الرسول دون أولي الأمر، مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى- كون الذي يعرف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسنة. فكان التقدير: وأطيعوا الله فيما قضى عليكم في القرآن، وأطيعوا الرسول فيما بين لكم من القرآن وما ينصه عليكم من السنة.

والمعنى: أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبّد بتلاوته. وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن.

ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية. لما قال له:

أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ؟ فقال له: أليس قد نزعت


(١)
أخرجه في: الأحكام، ٤- باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، حديث ١٩٣٣ ونصه:
عن عليّ رضي الله عنه قال: بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم سرية وأمّر عليهم رجلا من الأنصار. وأمرهم أن يطيعوه. فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطبا فأوقدوا (نارا) فلما هموا بالدخول فقام ينظر إلى بعض. قال بعضهم: إنما تبعنا النبيّ صلى الله عليه وسلم فرارا من النار، أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه. فذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا.
إنما الطاعة في المعروف» .
(٢) أخرجه في المسند ٤/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>