رسولنا المرسل، سائر الرسل. وهذا لأن الكفر حكم شرعيّ كالرق والحرية مثلا.
إذ معناه. إباحة الدم والحكم بالخلود في النار. ومدركه شرعيّ فيدرك إما بنص وإما بقياس على منصوص. وقد وردت النصوص في اليهود والنصارى. والتحق بهم بالطريق الأولى البراهمة والثنوية والزنادقة والدهرية. وكلهم مشركون. فإنهم مكذبون للرسول. فكل كافر مكذب للرسول، وكل مكذب فهو كافر. فهذه هي العلامة المطردة المنعكسة.
وتتمة هذا البحث في هذا الكتاب الذي لا يستغني عنه فاضل. فارجع إليه.
وعض بنواجذك عليه. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٤٩]]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ تعجيب من تمادحهم بالتزكية التي هي التطهير والتبرئة من القبيح فعلا وقولا، المنافية لما هم عليه من الطغيان والشرك الذي قصه تعالى عنهم قبل. فالمراد بهم اليهود. وقد حكى تعالى عنهم أنهم يقولون:
نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة: ١٨] . وحكى عنهم أيضا أنهم قالوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً [البقرة: ٨٠] . وأنهم قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [البقرة: ١١١] . وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان اليهود يقدمون صبيانهم يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب. وكذبوا. قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له. وأنزل الله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ. أي انظر إليهم فتعجب من ادعائهم أنهم أزكياء عند الله تعالى مع ما هم فيه من الكفر والإثم العظيم. أو من ادعائهم تكفير ذنوبهم مع استحالة أن يغفر للكافر شيء من كفره أو معاصيه. وقوله تعالى بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ تنبيه على أن تزكيته هي المعتد بها دون تزكية غيره. فإنه العالم بما ينطوي عليه الإنسان من حسن وقبيح. وقد ذمهم وزكى المرتضين من عباده المؤمنين.
[تنبيه:]
قال الزمخشريّ: يدخل في الآية كل من زكى نفسه ووصفها بزكاء العمل وزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله. فإن قلت: أما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله! إني لأمين في السماء، أمين في الأرض؟ قلت: إنما قال ذلك حين قال له المنافقون: