للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعوذا. قال: هل شققت عن قلبه؟

وقال «١» : إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم. وكان إذا استؤذن في قتل رجل يقول: أليس يصلي؟ أليس يشهد؟ فإذا قيل له: إنه منافق، قال ذلك. فكان حكمه في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم ولا يستحل منها شيئا مع أنه يعلم نفاق كثير منهم

. انتهى كلام الشيخ.

وقد أوضح حجة الإسلام الغزاليّ رضي الله عنه في (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة) الكفر المخرج عن الملة، والعياذ بالله تعالى، بعد مقدمته المدهشة بقوله:

لعلك تشتهي أن تعرف حد الكفر بعد أن تتناقض عليك حدود أصناف المقلدين.

فاعلم أن شرح ذلك طويل ومدركه غامض. ولكني أعطيك علامة صحيحة فتطردها وتعكسها لتتخذها مطمح نظرك وترعوي بسببها عن تكفير الفرق وتطويل اللسان في أهل الإسلام. وإن اختلفت طرقهم ما داموا متمسكين بقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) صادقين بها غير مناقضين لها. فأقول: الكفر هو تكذيب الرسول عليه السلام في شيء مما جاء به. والإيمان تصديقه في جميع ما جاء به. فاليهوديّ والنصرانيّ كافران لتكذيبهما للرسول عليه السلام. والبرهميّ كافر بالطريق الأولى لأنه أنكر، مع رسولنا، سائر المرسلين. والدهريّ كافر بالطريق الأولى، لأنه أنكر، مع


في نفسي من ذلك. فذكرته للنبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟» قال قلت: يا رسول الله! إنما قالها خوفا من السلاح قال: «أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟» فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ
. (١)
أخرجه البخاريّ في: المغازي، ٦١- باب بعث عليّ بن أبي طالب. عليه السلام وخالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن قبل حجة الوداع، حديث ١٥٨١ ونصه: عن أبي سعيد الخدريّ قال: بعث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ، لم تحصّل من ترابها. قال فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل. والرابع، إما علقمة، وإما عامر بن الطفيل. فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء. قال فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء؟» قال فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمّر الإزار، فقال:
يا رسول الله! اتق الله. قال: «ويلك! أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ قال ثم ولى الرجل.
قال خالد بن الوليد: يا رسول الله! ألا أضرب عنقه؟ قال «لا. لعله أن يكون يصلي» فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم» .
قال ثم نظر إليه وهو مقفّ فقال: «إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم. يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية (وأظنه قال) لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود» .

<<  <  ج: ص:  >  >>