أي الإيمان اليقيني. ذلِكَ أي المغفرة والجنة فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ أي ممن كان أهلا له وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قال ابن جرير أي بما بسط لخلقه من الرزق في الدنيا، ووهب لهم من النعم، وعرّفهم موضع الشكر، ثم جزاهم في الآخرة على الطاعة، ما وصف أنه أعدّه لهم،
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]
ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ أي من قحط وجدب ووباء وغلاء وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ أي من خوف ومرض وموت أهل وولد، وذهاب مال إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها أي إلا في علم أزليّ من قبل خلق المصيبة أو الأنفس. وما علم الله كونه فلا بد من حصوله إِنَّ ذلِكَ أي حفظه وتقديره على الأنفس المبروءة ما قدر، عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ أي لسعة علمه وإحاطته لِكَيْلا تَأْسَوْا أي تحزنوا عَلى ما فاتَكُمْ أي من عافية ورزق ونحوهما وَلا تَفْرَحُوا أي تبطروا بِما آتاكُمْ أي من نعم الدنيا. والمعنى: أعلمناكم بأنا قد فرغنا من التقدير، فلا يتصور فيه تقديم ولا تأخير ولا تبديل ولا تغيير، فلا الحزن يدفعه، ولا السرور يجلبه ويجمعه. قال القاشاني: أي لتعلموا علما يقينيّا أن ليس لكسبكم وحفظكم وحذركم وحراستكم فيما آتاكم، مدخل وتأثير. ولا لعجزكم وإهمالكم وغفلتكم وقلة حيلتكم. وعدم احترازكم واحتفاظكم فيما فاتكم مدخل. فلا تحزنوا على فوات خير، ونزول شر، ولا تفرحوا بوصول خير. وزوال شر، إذ كلها مقدرة وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ أي متبختر من شدة الفرح بما آتاه فَخُورٍ أي به على الناس، لعدم يقينه، وبعده عن الحق، بحب الدنيا، واحتجابه بالظلمات عن النور الَّذِينَ يَبْخَلُونَ أي بالإنفاق في سبيل الله، لشدة محبة المال وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ أي لاستيلاء الرذيلة عليهم، والموصول إما مبتدأ وخبره محذوف، أي لهم وعيد شديد، أو خبر ومبتدؤه محذوف، أي هم الذين، أو بدل من (كل) . وَمَنْ يَتَوَلَّ أي يعرض عن ذكر الله، وما أمر به فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ أي عنه، لاستغنائه بذاته الْحَمِيدُ أي لاستقلاله