فقلت: إن فلانا الترمذيّ يقول: إن الله لا يقعدك معه على العرش. ونحن نقول: بل يقعدك. فأقبل عليّ شبه المغضب وهو يقول: بلى، والله! بلى، والله! يقعدني على العرش. فانتبهت. بحيث إن الفقيه أبا بكر أحمد بن سليمان النجاد المحدّث قال:
(فيما نقله عنه القاضي أبو يعلى الفراء) : لو أن حالفا حلاف بالطلاق ثلاثا إن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش. واستفتاني، لقلت له: صدقت وبررت.
قال الذهبيّ: فأبصر، حفظك الله من الهوى، كيف آل الغلوّ بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر. واليوم يردّون الأحاديث الصريحة في العلوّ. بل يحاول بعض الطغام أن يرد. قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه: ٥] . انتهى.
وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨٠ الى ٨١]
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ أي مدخلا حسنا مرضيّا بلا آفة وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ أي مخرجا حسنا مرضيّا من غير آفة الميل إلى النفس، ولا الضلال بعد الهدى. ووَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً أي عزّا ناصرا للإسلام على الكفر، مظهرا له عليه.
وقد رأى المهايمي ارتباط الآية بما قبلها في معناها حيث قال: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي أي في هذه العبادات فإنها لا توصلك إلى المقام المحمود، إلا إذا صدق دخولك فيها وخروجك عنها، ولا يتم إلا بإمداد الله بعد استمدادك منه. وقولك:
رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ أي بمشاهدتك في هذه العبادات، وتخليتي عن الرياء والعجب، وتصفيتي بإخلاص العمل، وإخلاص طلب الأجر، ورؤية المنة لله، ورؤية التقصير فيها. وَأَخْرِجْنِي عنها مُخْرَجَ صِدْقٍ فلا تستعملني فيما يحبطها عليّ، ولا تردني على نفسي. وإذا غلبني الشيطان أو النفس أو الخلق، أو وردت عليّ شبهة، فاجعل لي من لدنك، لا من عند فكري، سُلْطاناً أي حجة نَصِيراً ينصرني على ما ذكر. ليبقي عليّ عبادتي فيوصلني إلى المقام المحمود. انتهى واللفظ الكريم محتمل لذلك. ويظهر لنا أنه إشارة للهجرة كما ستراه.
وَقُلْ أي استبشارا بقرب الظفر والنصر، وترهيبا للمشركين جاءَ الْحَقُّ