أجسادهم، وخلدت في نار جهنم، لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها. كما قال تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [غافر: ٤٦] ، وقوله: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ أي بئس المقيل والمقام لمن كان متكبرا عن آيات الله واتباع رسله. فذكرهم بعنوان التكبّر، للإشعار بعليته لثوائهم فيها. ولما أخبر عن الأشقياء بأنهم قالوا في جواب ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ هو أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فجحدوا رحمته وكفروا نعمته- تأثره بالإخبار عن السعداء الذين اعترفوا بخيره ورحمته، بقوله تعالى:
وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وهم المؤمنون ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً أي أنزل خيرا، أي رحمة وبركة لمن اتبعه وآمن به. ثم أخبر سبحانه عما وعد به عباده بقوله:
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ أي لمن أحسن عمله، مكافأة في الدنيا بإحسانهم. ولهم في الآخرة ما هو خير منها. فقوله: فِي هذِهِ الدُّنْيا متعلق ب حَسَنَةٌ كتعلقه ب أَحْسَنُوا. قال الشهاب: والحسنة التي في الدنيا الظفر وحسن السيرة وغير ذلك. وهذه الآية كقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: ٩٧] ، وقوله: فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ [آل عمران: ١٤٨] ، وقال تعالى: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ [آل عمران: ١٩٨] ، وقال: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى [الأعلى: ١٧] ، ثم وصف تعالى الدار الآخرة بقوله:
وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٣١ الى ٣٢]