وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا وهم رؤساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم حتى قلدوهم فيه فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أي بما زينوه لنا. قال الزمخشريّ:
وزيادة الألف لإطلاق الصوت جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر، وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع، وأن ما بعده مستأنف رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ أي مثلي العذاب الذي آتيتناه، لأنهم ضلوا وأضلوا وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً أي لعنا هو أشد اللعن وأعظمه. وقرئ (كثيرا) تكثيرا لأعداد اللعائن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً لما بين تعالى وعيد من يؤذي نبيه صلّى الله عليه وسلّم، من استحقاقه اللعنة في الدارين، تعريضا بمن صدر منهم شيء من الأذى في قصة زيد وزينب، التي سيقت السورة لأجلها، ختمها أيضا بالوصية بالتباعد عن التشبه بقوم صدر منهم إيذاء لموسى عليه السلام، بتنقصه تارة، وقلة الأدب معه طورا، ونسبته إلى ما ينافي الرسالة آونة. كما يمر كثير من ذلك بقارئي توراتهم. مما ينبئ عن عدم إيفائهم رسالته ونبوته حقها، من التعظيم له والصلاة عليه والتسليم لأمره وقضيته. فكانت النتيجة أن غضب الله عليهم ورماهم بأفانين العقوبات، ولحقتهم المخازي، وبرأ رسوله موسى عليه السلام من إفكهم، ونزه مقامه عن تنقيصهم، بأن حقق فضله، وأسمى منزلته، وآتاه الوجاهة- وهي العظمة والقرب- عنده. وهكذا حقت كلمة اللعنة والخزي على مؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولحقهم الدمار، وشرح لنبيه صدره، ورفع له ذكره، وأعلى منزلته، وفخم وجاهته، ما تعاقبت الأدوار. ويقرب من هذه الآية، في المعنى والإشارة، قوله تعالى وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ [الصف: ٥] ، وفيهما كلتيهما تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم بتأسّيه بأخيه موسى صلوات الله وسلامه عليهما. وكثيرا ما كان