لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ أي طلبوا الشر بتشتيت شملك، وتفريق صحبك عنك، من قبل غزوة تبوك، كما فعل عبد الله بن أبي ابن سلول حين انصرف بأصحابه يوم أحد عن المسلمين وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أي دبروا لك الحيل والمكايد ودوّروا الآراء في إبطال أمرك.
قال الشهاب: المراد من (الأمور) المكايد، فتقليبها مجاز عن تدبيرها. أو (الآراء) . فتقليبها تفتيشها وإحالتها.
حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وهو تأييدك ونصرك وظفرك وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ أي علا دينه وَهُمْ كارِهُونَ أي على رغم منهم.
قال ابن كثير: لما قدم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة رمته العرب عن قوس واحدة، وحاربته بهود المدينة ومنافقوها. فلما نصره الله يوم بدر، وأعلى كلمته. قال ابن أبيّ وأصحابه: هذا أمر قد توجّه (أي: أقبل) فدخلوا في الإسلام ظاهرا. ثم كلما أعز الله الإسلام وأهله، أغاظهم ذلك وساءهم.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي أي في القعود وَلا تَفْتِنِّي أي لا توقعني في الفتنة.
روي عن مجاهد وابن عباس أنها نزلت في الجدّ بن قيس، أخي بني سلمة، وذلك فيما
رواه محمد بن إسحاق أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له ذات يوم وهو في جهازه: هل لك يا جدّ في جلاد بني الأصفر؟ فقال: يا رسول الله! أو تأذن لي ولا تفتنّي؟ فو الله! لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى، إن رأيت نساء بني الأصفر، ألّا أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: قد أذنت لك!
قال الشهاب: يعني أنه يخشى العشق لهن. أو مواقعتهن من غير حلّ. وبنات الأصفر: للروم، كبني الأصفر. وقيل في وجه التسمية وجوه: منها أنهم ملكهم بعض الحبشة، فتولد بينهم نساء وأولاد ذهبية الألوان. انتهى.