لذلك، خوف الضرر عندها بقدرة الله تعالى، لا بها، وكأنه في الحقيقة لم يخف إلا من الله، لأن الخوف الذي أثبته منها معلق بمشيئة الله وقدرته، وهو كالخوف منها- والله أعلم-.
وقوله تعالى: وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كأنه علة الاستثناء، أي: أحاط بكل شيء علما. فلا يبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها، أي: كرجمه بالنجوم. لأنه إذا أحيل شيء إلى علم الله، أشعر بجواز وقوعه. وفي الإظهار في موضع الإضمار، مع التعرض لعنوان الربوبية، إظهار منه عليه الصلاة والسلام لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى، واستسلام لأمره، واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته.
هذا، وجعل المهايمي ذلك علة لاستدراك محذوف، لعلمه من المقام، حيث قال في الآية: ولا أخاف الضرر على نفسي من تأثير ما تشركون به، إلا أن يشاء ربي أن يجعل لهم شيئا من التأثير، لكنه لا يشاء في شأني، لأنه وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فعلم أنه لو أوجد التأثير فيهم بما يضرون به من بعثه لتوحيده، صار محجوبا انتهى- والأول أقرب-.
أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ أي: تعتبرون بأن هذه المعبودات جمادات، لا تضر ولا تنفع، وأن النافع الضار هو الذي خلق السموات والأرض.
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ أي: معبوداتكم، وهي مأمونة الخوف، وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ، أي: بإشراكه عَلَيْكُمْ سُلْطاناً أي: حجة.
إذ الإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة. والمعنى: وما لكم تنكرون عليّ الأمن في موضع الأمن، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع أعظم المخوفات وأهولها فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أي: فريقي الموحدين والمشركين، أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أي: من لحوق الضرر، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي: ما يحق أن يخاف منه. أو من أحق بالأمن أو من أولي العلم؟ وجواب الشرط محذوف. أي: فأخبروني.
ثم بيّن تعالى من له الأمن، جوابا عما استفهم عنه الخليل عليه السلام بقوله: