قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا أي: أنعبد من دونه ما لا يقدر على نفعنا، إن دعوناه، ولا ضرنا إن تركناه، وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا عطف على (ندعو) ، داخل في حكم الإنكار والنفي. أي: ونرد إلى الشرك. والتعبير عنه بالرد على الأعقاب- لزيادة تقبيحه بتصويره بصورة ما هو علم في القبح، مع ما فيه من الإشارة إلى كون الشرك حالة قد تركت ونبذت وراء الظهر- أفاده أبو السعود-.
بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ أي: للإسلام والتوحيد، وأنقذنا من عبادة الأصنام، فنصير كالمستمر على الضلال، بل كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ أي: استمالته عن الطريق الواضح مردة الجن، فِي الْأَرْضِ القفر المهلكة، حَيْرانَ أي: تائها ضالا عن الجادّة، لا يدري كيف يصنع، لَهُ أي: لهذا المستهوى أَصْحابٌ أي: رفقة يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى أي: إلى الطريق المستقيم، ائْتِنا على إرادة القول، أي:
يقولون ائتنا. أي: وهو قد اعتسف المهمه، تابعا للشياطين، لا يجيبهم ولا يأتيهم.
فشبه حال من خلص من الشرك، ثم عاد له، بحال من ذهب به المردة في مهمه بعد ما كان على الجادة، ولا يدري مقصده الذي هو سائر إليه، مع وجود رفقة تناديه لتهديه، وهو لا يسمع لهم. قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ أي: الذي أرسل به رسله، هُوَ الْهُدى أي: وما وراءه ضلال وغيّ، وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ أي: في مخالفة أمره. وَأَنْ أَقِيمُوا عطف على لِنُسْلِمَ. ومعناه: أن نسلم. فاللام فيه رديفه إِنَّ، أو عطف عليه واللام تعليلية، أي: للإسلام، ولإقامة الصلاة. وفي ورود أَقِيمُوا الصَّلاةَ محكيا بصيغته، وورود لِنُسْلِمَ محكيا بمعناه. احتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم حكى قول الله بمعناه، دون لفظه. انظر (الانتصاف) .