للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٦٨]]

وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨)

وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أي لثبتناهم في الدنيا على دين قويم نرتضيه، وهو الإسلام. ثم بين تعالى فضل الطاعة وأن ثمرتها مرافقة أقرب عباد الله إلى الله وأرفعهم درجات عنده. فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٦٩]]

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩)

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ولم يذكر المنعم به إشعارا بقصور العبارة عن تفصيله وبيانه مِنَ النَّبِيِّينَ الذين أنبأهم الله أكمل الاعتقادات والأحكام. وأمرهم بإنبائها الخلق، كلّا بمقدار استعداده وَالصِّدِّيقِينَ (جمع صديق) وهو المبالغ في صدق ظاهره بالمعاملة، وباطنه بالمراقبة. أو الذي يصدق قوله بفعله. كذا في (المدارك) .

قال الرازيّ: للمفسرين (في الصدّيق) وجوه: الأول- أن كل من صدق بكل الدين لا يتخالجه فيه شك فهو صديق. والدليل عليه قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ [الحديد: ١٩] . الثاني- قال قوم: الصديقون أفاضل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم. الثالث- أن الصديق اسم لمن سبق إلى تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام.

فصار في ذلك قدوة لسائر الناس. وإذا كان الأمر كذلك، كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أولى الخلق بهذا الوصف. ثم جوّد الرازيّ الكلام في سبقه رضي الله عنه إلى التصديق، وفي كونه صار قدوة للناس في ذلك. فانظره. وَالشُّهَداءِ الذين استشهدوا في سبيل الله تعالى وَالصَّالِحِينَ الذين صلحت أحوالهم وحسنت أعمالهم وَحَسُنَ أُولئِكَ إشارة إلى النبيين والصديقين وما بعدهما رَفِيقاً يعني في الجنة. والرفيق الصاحب. سمي رفيقا لارتفاقك به وبصحبته. وإنما وحّد (الرفيق) وهو صفة الجمع، لأن العرب تعبّر به عن الواحد والجمع. كالصديق والخليط. والجملة تذييل مقرر لما قبله، مؤكد للترغيب والتشويق.

<<  <  ج: ص:  >  >>