السابع- قال بعض المفسرين: اختلف في المأمور بأخذ السلاح في قوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فقيل: هم الطائفة الذين يواجهون العدوّ. وهذا ظاهر.
وقيل: بل هم الطائفة المصلون. وأراد ما لا يشغل عن الصلاة من الدرع والخنجر والسيف ونحو ذلك. وقيل: للطائفتين. وهو قول القاسم. انتهى.
قال الناصر في (الانتصاف) : والظاهر أن المخاطب بأخذ الأسلحة المصلون.
إذ من لم يصل إنما أعد للحرس. فالظاهر الاستغناء عن أمرهم بذلك وتنبيههم عليه.
وهم إنما أخروا الصلاة لذلك. أما المصلون فهم في مظنة طرح الأسلحة لأنهم لم يعتادوا حملها في الصلاة. فنبهوا على أنهم لا ينبغي لهم طرح الأسلحة وإن كانوا في الصلاة. لضرورة الخوف وخشية الغرة. وأيضا فصنيع الآية يعطي ذلك. لأنه قال فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وعقب ذلك بقوله وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فالظاهر رجوع الضمير إليهم. وحيث يعاد إلى غير المصلين يحتاج إلى تكلف في صحة العود إليهم، بدلالة قوة الكلام عليهم، وإن لم يذكروا. وناقش الناصر أيضا، الزمخشريّ في جعله المراد بقوله تعالى فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا غير المصلين.
فقال: الظاهر أن معنى السجود هاهنا الصلاة، وقد عبر عنها بالسجود كثيرا. والمراد:
فإذا صلت الطائفة، (أي أتمت صلاتها) فليكونوا من ورائكم. انتهى.
الثامن- قال أبو علي الجرجانيّ صاحب النظم: قوله تعالى: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ يدل على أنه كان يجوز للنبيّ صلى الله عليه وسلم أن يأتي بصلاة الخوف على جهة يكون بها حاذرا، غير غافل من كيد العدوّ. والذي نزل به القرآن في هذا الموضع هو وجه الحذر. لأن العدوّ يومئذ بذات الرقاع كان مستقبل القبلة. فالمسلمون كانوا مستدبرين القبلة. ومتى استقبلوا القبلة صاروا مستدبرين لعدوّهم. فلا جرم، أمروا بأن يصيروا طائفتين: طائفة في وجه العدوّ، وطائفة مع النبيّ صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة.
وأما حين كان النبيّ صلى الله عليه وسلم بعسفان وببطن نخل، فإنه لم يفرق أصحابه طائفتين. وذلك لأن العدوّ كان مستدبر القبلة. والمسلمون كانوا مستقبلين لها. فكانوا يرون العدوّ حال كونهم في الصلاة. فلم يحتاجوا إلى الاحتراس إلا عند السجود. فلا جرم، لما سجد الصف الأول بقي الصف الثاني يحرسونهم. فلما فرغوا من السجود. وقاموا، تأخروا وتقدم الصف الثاني وسجدوا. وكان الصف الأول حال قيامهم يحرسون الصف الثاني. فثبت بما ذكرنا أن قوله تعالى: خُذُوا حِذْرَكُمْ يدل على جواز كل هذه الوجوه. والذي يدل على أن المراد من هذه الآية ما ذكرناه، أنا لو لم نحملها