للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصن تستر عند إضاءة الفجر واشتد اشتعال القتال فلم يقدروا على الصلاة. فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار. فصليناها ونحن مع أبي موسى، ففتح لنا. وقال أنس: وما يسرني، بتلك الصلاة، الدنيا وما فيها. انتهى. ثم أتبعه بحديث تأخير الصلاة يوم الأحزاب ثم بحديث «١» أمره إياهم أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة وكأنه كالمختار لذلك. والله أعلم. ولمن جنح له أن يحتج بصنيع أبي موسى وأصحابه يوم فتح تستر فإنه يشتهر غالبا. وكان ذلك في إمارة عمر بن الخطاب. ولم ينقل أنه أنكر عليهم ولا أحد من الصحابة. والله أعلم. قال هؤلاء: وقد كانت صلاة الخوف مشروعة في الخندق لأن غزوة ذات الرقاع كانت قبل الخندق في قول جمهور علماء السير والمغازي. وممن نص على ذلك محمد بن إسحاق وموسى بن عقبة والواقديّ ومحمد بن سعد، كاتبه وخليفة بن الخياط وغيرهم. وقال البخاريّ «٢» وغيره: كانت ذات الرقاع بعد الخندق، لحديث أبي موسى. وما قدم إلا في خيبر. والله أعلم.

الحكم الخامس- استدل بقوله تعالى طائِفَةٌ على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد. لكن لا بد أن تكون التي تحرس تحصل الثقة به في ذلك.

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : والطائفة تطلق على القليل والكثير حتى على الواحد. فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف. جاز لأحدهم أن يصلي بواحد.

ويحرس واحد. ثم يصلي الآخر. وهو أقل ما يتصور في صلاة الخوف جماعة.

السادس- استدل بالآية على عظم أمر الجماعة بل على ترجيح القول بموجبها. لارتكاب أمور كثيرة لا تغتفر في غيرها. ولو صلى كل امرئ منفردا لم يقع الاحتياج إلى معظم ذلك. أفاده الحافظ ابن حجر في (الفتح) .

قال ابن كثير: وما أحسن ما استدل به من ذهب إلى وجوب الجماعة من هذه الآية الكريمة. حيث اغتفرت أفعال كثيرة لأجل الجماعة. فلولا أنها واجبة ما ساغ ذلك.


(١)
أخرجه البخاريّ في: صلاة الخوف، ٥- باب صلاة الطالب والمطلوب، حديث ٥٤٩ ونصه: عن ابن عمر قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لنا، لما رجع من الأحزاب، «لا يصلينّ أحد العصر إلا في بني قريظة» فأدرك بعضهم العصر في الطريق. فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم: بلى نصلي.
لم يرد منا ذلك.
فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم
. (٢) البخاريّ في: المغازي، ٣١- باب غزوة ذات الرقاع وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان. فنزل نخلا. وهي بعد خيبر. لأن أبا موسى جاء بعد خيبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>