للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المنذريّ: وبه قال عطاء وجابر والحسن ومجاهد والحكم وقتادة وحماد.

وإليه ذهب طاوس والضحاك. وقد حكى أبو عاصم العباديّ عن محمد بن نصير المروزيّ أنه يرى ردّ الصبح إلى ركعة في الخوف. وإليه ذهب ابن حزم أيضا. وقال إسحاق بن راهويه: أما عند المسايفة فيجزيك ركعة واحدة تومئ بها إيماء. فإن لم تقدر فسجدة واحدة. لأنها ذكر الله. وقال آخرون: يكفي تكبيرة واحدة. فلعله أراد ركعة واحدة. كما قاله الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه. وبه قال جابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وكعب وغير واحد من الصحابة والسدّيّ. ورواه ابن جرير. ولكن الذين حكوه إنما حكوه على ظاهره في الاجتزاء بتكبيرة واحدة. كما هو مذهب إسحاق بن راهويه: وإليه ذهب الأمير عبد الوهاب بن بخت المكيّ حتى قال: فإن لم يقدر على التكبير فلا يتركها في نفسه. يعني بالنية. رواه سعيد بن منصور في (سننه) عن إسماعيل بن عياش عن شعيب بن دينار عنه. فالله أعلم. ومن العلماء من أباح تأخير الصلاة لعذر القتال والمناجزة. كما أخر النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب الظهر والعصر، فصلاهما بعد الغروب. ثم صلى بعدهما المغرب ثم العشاء. وكما قال بعدها، يوم بني قريظة حين جهز إليهم الجيش: لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة. فأدركتهم الصلاة في أثناء الطريق. فقال منهم قائلون: لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعجيل المسير. ولم يرد منا تأخير الصلاة عن وقتها. فصلّوا الصلاة لوقتها في الطريق. وأخر آخرون منهم صلاة العصر فصلوها في بني قريظة بعد الغروب. ولم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من الفريقين. فاحتج في عذرهم في تأخير الصلاة لأجل الجهاد والمبادرة إلى حصار الناكثين للعهد من الطائفة الملعونة، اليهود. وأما الجمهور فقالوا: هذا كله منسوخ بصلاة الخوف فإنها لم تكن نزلت بعد. فلما نزلت نسخ تأخير الصلاة لذلك. وهذا أبين في حديث أبي سعيد الخدريّ الذي رواه الشافعيّ رحمه الله وأهل السنن. ولكن يشكل عليه ما حكاه البخاريّ «١» في (صحيحه) حيث قال (باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدوّ) وقال الأوزاعيّ: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء. كل امرئ لنفسه.

فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال أو يأمنوا فيصلوا ركعتين. فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين. فإن لم يقدروا فلا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا. وبه قال مكحول. وقال أنس بن مالك: حضرت عند مناهضة


(١) أخرجه البخاريّ في: صلاة الخوف، ٤- باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدوّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>