للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو داود «١» والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من صنع كذا وكذا فله من النّفل كذا وكذا. فتسارع في ذلك شبّان القوم، وبقي الشيوخ تحت الرايات. فلما كانت المغانم، جاءوا يطلبون الذي جعل لهم. فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا ردءا لكم، لو انكشفتم لثبتم إلينا. فتنازعوا، فأنزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ... الآية-

وهذا مما يفيد أن التشاجر كان متنوعا، وأن الآية نزلت لفصله.

والأنفال: هي المغانم، جمع (نفل) محركة، وهو الغنيمة. أي كل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب. قال ابن تيمية: سميت بذلك، لأنها زيادة في أموال المسلمين. أي لأن النفل يطلق على الزيادة- كما في (التاج) . ومنه النافلة لصلاة التطوع لزيادتها على الفريضة.

وقوله تعالى: قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ- قال المهايمي: أي ليست هي في مقابلة الجهاد، وإنما مقابله الأجر الأخرويّ، وهذه زائدة عليه، خرجت عن ملك المشركين فصارت ملكا خالصا لله ولرسوله. والرسول خليفة يعطيها، على ما أراه الله، من يشاء. ولما أطلق له صلّى الله عليه وسلّم الحكم فيها، قسمها بينهم بالسوية، ووهب من استوهبه.

فروى الإمام أحمد «٢» عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص، وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: اذهب فاطرحه في القبض. قال، فرجعت، وبي ما لا يعلمه إلا الله، من قتل أخي، وأخذ سلبي. قال، فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال. فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اذهب فخذ سلبك.

وروى الإمام أحمد «٣» والترمذي- وصححه- عن سعد بن مالك قال: قلت: يا رسول الله! قد شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال: إن هذا السيف لا لك ولا لي، ضعه. قال، فوضعته ثم رجعت، فقلت: عسى أن يعطي هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي. قال، إذا رجل يدعوني من ورائي. قال، قلت: قد أنزل الله فيّ شيئا. قال:

كنت سألتني السيف، وليس هو لي، وإنه قد وهب لي، فهو لك. قال، وأنزل الله هذه الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ... الآية.


(١) أخرجه أبو داود في: الجهاد، ١٤٤- باب في النفل، حديث رقم ٢٧٣٧.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ١٨٠ والحديث رقم ١٥٥٦.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ١٧٨ والحديث رقم ١٥٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>