للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكن من الطيبات لما أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني- أن يكون أراد آخر هذه الآية وهو الرد على من أباحها مطلقا، وأنه معتد. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رخص فيها للضرورة عند الحاجة في الغزو، وعند عدم النساء وشدة الحاجة إلى المرأة. فمن رخص فيها في الحضر مع كثرة النساء وإمكان النكاح المعتاد فقد اعتدى والله لا يحب المعتدين. فإن قيل: فما تصنعون بما

روى مسلم في صحيحه من حديث جابر وسلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا (يعني متعة النساء)

قيل: هذا كان زمن الفتح قبل التحريم ثم حرمها بعد ذلك بدليل ما

رواه مسلم «١» في صحيحه عن سلمة بن الأكوع قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عام أوطاس، في المتعة ثلاثا. ثم نهى عنها

. وعام أوطاس هو وعام الفتح واحد. لأن غزاة أوطاس متصلة بفتح مكة. فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه «٢» عن جابر بن عبد الله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق، الأيام، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث. وفيما ثبت عن عمر أنه قال «٣» : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا أنهي عنهما: متعة النساء ومتعة الحج؟ قيل: الناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنها. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون. ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح. فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده. وقد تكلم فيه ابن معين. ولم ير البخاريّ إخراج حديثه في صحيحه مع شدة الحاجة إليه، وكونه أصلا من أصول الإسلام. ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه أو الاحتجاج به. قالوا: ولو صح حديث سبرة لم يخف على ابن مسعود حتى يروي أنهم فعلوها ويحتج بالآية. قالوا أيضا: ولو صح لم يقل عمر: إنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنها وأعاقب عليها. بل كان يقول: إنه صلى الله عليه وسلم حرمها ونهى عنها.


(١) أخرجه في: النكاح، ٣- باب نكاح المتعة، حديث ١٨.
(٢) أخرجه في: النكاح، ٣- باب نكاح المتعة، حديث ١٦.
(٣) في المسند، حديث رقم ٣٦٩ ونصه: عن أبي نضرة قال: قلت لجابر بن عبد الله: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة، وإن ابن عباس يأمر بها؟ قال فقال لي: على يدي جرى الحديث: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، فلما وليّ عمر خطب الناس فقال: إن القرآن هو القرآن. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الرسول. وإنهما كانتا، متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: إحداهما متعة الحج، والأخرى متعة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>