قال فلقد رأيت وجهه استبشر. ثم قال: إن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون.
قال ابن كثير: وهكذا قال حذيفة بن اليمان وابن عباس وغيرهما في تفسير هذه الآية، أنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا.
وقال السدّي: استنصحوا الرجال، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
وقد ذكر بعض المفسرين وجها في تفسير اتخاذهم أربابا، قال: بأن أطاعوهم بالسجود لهم.
قال الشهاب: والأول هو تفسير النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فينبغي الاقتصار عليه، لأنه لما أتاه عديّ بن حاتم وهو يقرؤها قال له: إنا لم نعبدهم، فقال: ألم تتبعوهم في التحليل والتحريم؟ فهذه هي العبادة، والناس يقولون: فلان يعبد فلانا، إذا أفرط في طاعته، فهو استعارة بتشبيه الإطاعة بالعبادة أو مجاز مرسل بإطلاق العبادة، وهي طاعة مخصوصة على مطلقها، والأول أبلغ. انتهى.
قال الرازي: قال الربيع: قلت لأبي العالية: كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟ فقال: إنهم ربما وجدوا في كتاب الله ما يخالف أقوال الأحبار والرهبان، فكانوا يأخذون بأقوالهم، وما كانوا يقبلون حكم كتاب الله تعالى.
قال الرازي: قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه:
قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء، قرأت عليهم آيات كثيرة في كتاب الله تعالى في بعض مسائل، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها، وبقوا ينظرون إليّ كالمتعجب، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات، مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها؟ ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل المدينة. انتهى.
وَما أُمِرُوا أي والحال أن أولئك الكفرة ما أمروا في كتابهم إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً أي يطيعوا أمره، ولا يطيعوا أمر غيره بخلافه، وقوله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ صفة ثانية ل (إلها) ، أو استئناف مقرر للتوحيد سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أي به في العبادة والطاعة.