للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعموم في قوله تعالى: وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ أيضا كما تقدم. والقصاص: إذا قطعت من أصلها لا إذا قطع البعض. ولا تؤخذ أذن الصحيح بأذن الأصمّ.

وكذا عموم قوله تعالى وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ والقصاص: إذا قلع من أصله. ولا بد من المساواة. فلا يؤخذ الصحيح بالأسود ولا بالمكسور. ولا الثنية بالضرس. ونحو ذلك. كما لا تؤخذ اليمنى باليسرى.

وأما قوله تعالى وَالْجُرُوحَ فهذا فيما تمكن فيه المساواة، ويؤمن على النفس لتحرج الأمة.

كذا في (تفسير بعض الزيدية) . وتتمة فقه هذه الآية يرجع فيه إلى مطولات كتب السنة وشروحها.

وقوله تعالى: فَمَنْ تَصَدَّقَ أي: من المستحقين بِهِ أي: بالقصاص. أي:

فمن عفا عن الجاني. والتعبير عنه بالتصدق للمبالغة في الترغيب فَهُوَ أي:

التصدق، كَفَّارَةٌ لَهُ أي: للمتصدق يكفر الله بها ذنوبه. وقيل: فهو كفارة للجاني، إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه. وهذا التأويل الثاني روي عن كثير من السلف. كما أخرجه أبن أبي حاتم. واللفظ محتمل. إلّا أن الأخبار الواردة في فضل العفو تشهد للأول.

روى الإمام أحمد «١» عن الشعبيّ أن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يجرح في جسده جراحة فيتصدق بها إلّا كفّر الله عنه مثل ما تصدّق به. ورواه النسائي أيضا.

وروى الإمام أحمد «٢» عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من أصيب بشيء من جسده فتركه لله، كان كفارة له.

وروى الإمام ابن جرير «٣» عن أبي السفر قال: دفع رجل من قريش رجلا من الأنصار. فاندقّت ثنيّته. فرفعه الأنصاريّ إلى معاوية. فلما ألحّ عليه الرجل قال معاوية: شأنك وصاحبك. قال، وأبو الدرداء عند معاوية. فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يصاب بشيء من جسده، فيهبه، إلّا رفعه الله به


(١) أخرجه في المسند ٥/ ٣١٦.
(٢) لم أهتد إلى هذا الحديث.
(٣) الأثر رقم ١٢٠٨٠ من التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>