للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض الزيدية في (تفسيره) : مذهب أئمة أهل البيت ومالك والشافعيّ أنه لا يقتل المسلم بالكافر. وقال أبو حنيفة: يقتل به، لا بالحربيّ ولا بالمستأمن من الحربيين أخذا بعموم الآية. قلنا: هي مخصصة بقوله في سورة الحشر: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ. وهذا يقتضي نفي المساواة عموما. قالوا: أراد (في الآخرة) . قلنا: قال الله: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء: ١٤١] . قالوا: ليس هذا على عمومه فإن له أخذ الدّين منه، وذلك سبيل.

قلنا:

قال صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مؤمن بكافر

. فعمّ. قالوا: أراد بكافر حربيّ. بدليل أن في آخر الخبر: ولا ذو عهد في عهد. والمعنى: لا يقتل المؤمن ولا الكافر الذي عوهد، بالكافر الذي لا عهد له. قلنا: قد تمت الجملة الأولى وهي قوله عليه السلام: لا يقتل المؤمن بكافر. وأما قوله: ولا ذو عهد في عهده، فهذه جملة أخرى. يريد: لا يقتل ما دام في العهد. مع أن الحديث إن احتمل أنها جملة واحدة فالمراد: لا يقتل مؤمن بأحد من الكفار عموما. وكذلك المعاهد لا يقتل بأحد من الكفار عموما. فقامت الدلالة على أن المعاهد، يقتل ببعض الكفار. وبقي المؤمن على عمومه. وما قلنا مرويّ عن عليّ عليه السلام وعمر وعثمان وزيد بن ثابت. وقد رجع عمر إلى هذا لما أنكر عليه عليّ عليه السلام وزيد. وهذه المخصصات تخصص ما ورد من العمومات في هذه المسألة. انتهى.

الخامس: عموم قوله تعالى وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ كعموم قوله تعالى: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ. فما خصص ذلك العام، خصصه هنا، لكن ننبه على أطراف:

منها-: أن اليسرى لا تؤخذ باليمنى، والوجه عدم المساواة.

ومنها-: عين الأعور تؤخذ بعين الصحيح على ما نصه في (الأحكام) ، وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعيّ لعموم الآية. وقال في (المنتخب) ومالك: لا تؤخذ، لأن نورها أكثر فتطلب المساواة. واحتجوا بأنه مرويّ عن عليّ عليه السلام وعمر وابن عمر وعثمان قال في (الشرح) : وكان الإمام يحيى لا يصحح هذه الرواية عن عليّ عليه السلام.

ومنها-: في كيفية القصاص. فإن قلعت العين ثبت القصاص بالقلع. وإن ضرب حتى ذهب بصره ثبت القصاص. قال في (التهذيب) : فقيل: بالقلع. وقيل:

تحمى حديدة ثم تقرب من عينه.

وأما قوله تعالى: وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ فالكلام في عمومه كما تقدم. ويذكر هنا تنبيه، وهو أن القصاص إنما يكون إذا استؤصلت. لأن ذلك كالمفصل، لا إذا قطع بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>