الثعالبيّ وغيره من الأدباء، أن ينبغي للإنسان أن يأكل ما يشتهي، ويلبس ما يشتهيه الناس، كما قيل:
نصيحة نصيحة ... قالت بها الأكياس
كل ما اشتهيت والبس ... نّ ما اشتهته الناس
فإنه لترك ما لم يعتد بين الناس، وهذا لإباحة كل ما اعتادوه. و (المخيلة:
الكبر) . و (ما) دوامية زمانية. و (أخطأتك) من قولهم: أخطأ فلان كذا، إذا عدمه.
وفي الأساس: من المجاز لن يخطئك ما كتب لك، وأخطأ المطر الأرض: لم يصبها، وتخاطأته النبل: تجاوزته وتخطّأته. انتهى.
وفي قوله تعالى: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ وعيد وتهديد لمن أسرف في هذه الأشياء. لأن من لم يحبه الله لم يرض عنه.
السادس- تناقل المفسرون وغيرهم ما قيل إن قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا الآية- جمع الطب كله. وأصله ما
حكاه الزمخشري والكرماني في عجائبه، أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان: علم الأبدان، وعلم الأديان. فقال له: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه. قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى:
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا، فقال النصراني: ولا يؤثر من رسولكم شيء في الطب! فقال: قد جمع رسولنا صلّى الله عليه وسلّم الطب في ألفاظ يسيرة. قال: وما هي؟ قال قوله:
المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وأعط كل بدن ما عودته. فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيّكم لجالينوس طبّا.
قال في (العناية) : وترك بعضهم تمام القصة، لأن في ثبوت هذا الحديث كلاما للمحدثين.
وفي شعب الإيمان للبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة، صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة، صدرت العروق بالسقم»
. - انتهى-.
أقول: إن صحت هذه الحكاية، فصواب جواب النصرانيّ في سؤاله الثاني بالتفنيد والفرية، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أثر عنه من بدائع الطب وأصناف العلاج ما لم يؤثر عن نبيّ قط. وللمحدّثين، في عهد السلف، منه قسم كبير في جوامعهم ومسانيدهم. وأما أعلام المتأخرين فقد اضطرهم وفرة ما روي في ذلك إلى تدوينه في