للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اللهم! صل عليهم. فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال: اللهم! صل على آل أبي أوفى» .

وكرهه قوم، لكون صيغة الصلاة صارت شعارا للأنبياء إذا ذكروا. فلا يلحق بهم غيرهم. فلا يقال: قال عمر صلى الله عليه. كما لا يقال قال محمد عز وجل. وإن كان عزيزا جليلا. لكون هذا من شعار ذكر الله عز وجل. وحملوا ما ورد من ذلك في الكتاب والسنة على الدعاء لهم.

وقال ابن حجر: إن ذلك وقع من الشارع. ولصاحب الحق أن يتفضل من حقه بما شاء وليس لغيره أن يتصرف إلا بإذنه. ولم يثبت عنه إذن في ذلك. انتهى.

وقد يقال: كفى في المرويّ المأثور المتقدم إذنا.

والاستدلال بأن ذلك من حقه فيه مصادرة على المطلوب. على أن المرجح أن الأصل الإباحة حتى يرد الحظر. ولا حظر هنا. فتدبر.

وأما السلام، فقال الجوينيّ: هو في معنى الصلاة. فلا يستعمل في الغائب.

ولا يفرد به غير الأنبياء. فلا يقال: عليّ عليه السلام. وساء في هذا الأحياء والأموات.

وأما الحاضر فيخاطب به. فيقال: سلام عليك، وسلام عليكم. أو السلام عليك أو عليكم. وقد غلب- كما قال ابن كثير- على كثير من النساخ للكتب، أن يفرد عليّ رضي الله عنه بأن يقال (عليه السلام) من دون سائر الصحابة.

قال: والتسوية بينهم في ذلك أولى. انتهى.

والخطب سهل. ومن رأى المرويّ في هذا الباب، علم أن الأمر أوسع من أن يحرّج فيه. على أن هذه المسألة من فروع تخصيص العرف، وفيه بحث في الأصول.

الثالث- قال النوويّ: إذا صلى على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فليجمع بين الصلاة والتسليم.

فلا يقتصر على أحدهما، فلا يقول (صلى الله عليه) فقط. ولا (عليه السلام) فقط.

قال ابن كثير: وهذا الذي قاله منتزع من هذه الآية الكريمة. وهي قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً فالأولى أن يقال صلّى الله عليه وسلّم تسليما.

انتهى.

الرابع- قال الرازيّ: إذا صلّى الله وملائكته عليه، فأي حاجة إلى صلاتنا؟

نقول: الصلاة عليه ليس لحاجته إليها. وإلا فلا حاجة إلى صلاة الملائكة مع صلاة الله عليه. وإنما هو لإظهار تعظيمه كما أن الله تعالى أوجب علينا ذكر نفسه، ولا حاجة له إليه. وإنما هو لإظهار تعظيمه منا، رحمة بنا، ليثيبنا عليه. ولهذا جاء في

الحديث (من صلى عليّ مرة، صلى الله عليه بها عشرا)

. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>